*الخرطوم خرجوا منها أذلاء صاغرين ومُنعوا دخلوها ...*
اللواء عبدالرحمن جمعة بارك الله ...
نفس القيادة التى منعوا *الثوار* من الإحتماء بها هاهي قد تحطمت وحُرم عليهم دخلوها
نفس الساحة التى قتلوا فيها *الثوار* في أواخر شهر رمضان صائمين عاكفين قائمي الليل ها هي جثثهم مجندلة الآن من بين أيديهم ومن خلفهم وعن يمينهم وعن شمالهم ومن فوقهم ومن تحتهم ...
نفس القصر الذي منعوا *الثوار* من دخوله والإعتصام من حوله هاهو والآن محطم وجثثهم مترامية ملئ الطرف خارجه وأمامه ...
نفس النيل الرموا فيه *الثوار* موتى بل وأحياء ها هو وقد إمتلأ بجثثهم طافية نهاراً
نفس مشرحة التمييز التى ألقيت فيها جثث *الثوار* إلى أن تحللت ورمت ها هم الآن يضيفون إليها جثث القتلة بعد أن تعفنت وإهترأت ...
وشتان ما بين هؤلاءك وهؤلاء *فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب ...*
نفس الخرطوم التى إحتكروها لأنفسهم لمدة ثلاث وثلاثون سنة وبنوا فيها العمارات وركبوا الفارهات وتزوجوا النساء مثنى، وثلاث ، ورباع ها هي وقد حُرمت عليهم دخولها ...
*ماالذي تبقي لكم يا كيزان ؟ ...*
أنا أجيب بالنيابة عنكم ...
لم يتبقي لكم إلا أن *تتيهوا في الأرض* وتخرجوا من أرض السودان نعم فإن *السودان مُحرم عليكم* الآن بل وممنوعون من دخوله لمدة أربعين سنة والتحريم هنا تحريم فعلي أي أن تسيروا تائهين في الأرض حتي *ينتفي جيلكم وينقرض* هذا الجيل الجبان الجيل المصاب بأمراض نفسية مزمنة الجيل الذي أذاق الشعب كل ألوان الذل والبلاء والعذاب والهوان ليس له مثيل في سابق الزمان إلا طغيان فرعون وهامان الذي ذاقه بنو اسرائيل ذلك الطغيان الذي فيه *ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد* ومن علاماته التحزبية والعنصرية للحزب الواحد والحاكمية المطلقة إن مثل هذه الأنظمة الإستبدادية والحكومات الدكتاتورية المطلقة تعجز عجزاً كاملاً عن حمل الرسالة والقيم الإنسانية الرفيعة والدعوة إليها و المتمثلة في دعوة الأنبياء والمرسلين إلى وحدانية الله و الإيمان به وطاعته وتيسير سبل العيش السهل لشعوبها ...
وتدل الفلسفة السياسية في علم الإجتماع السياسي ( Political Sociology ) على أن ركائز المجتمع السياسي السليم هو وجود سلطة تخضع للقانون وتُخضِع الناس للقانون وقد عبَّر عن ذلك جيمس ماديسون - أبو الدستور الأميركي ومنظِّر الثورة الأميركية - بقوله
" يجب تمكين الحكومة من السيطرة على المحكومين ثم إجبارها على السيطرة على نفسها " ( الأوارق الفدرالية ، الورقة رقم 51 ) ... فالسيطرة على المحكومين تعني منع الفوضى التي لا تقوم للدولة قائمة معها، وسيطرة الدولة على نفسها تعني حكم القانون بديلاً عن هوى الحاكم الفرد ...
خلاصة الدرس والمعنى هنا هو أن نعتبر بهذه الأمثال التي بينها الله تعالى لنا وأن نعلم بأن إصلاح الشعوب بعد فسادها بالظلم والإستبداد إنما يكون بإنشاء جيل جديد يجمع بين حرية الفطرة واستقلالها وعزتها وبين معرفة القيم النبيلة والفضائل الكريمة والعمل بها، وقد كان يقوم بهذه الأعمال العظيمة بتربية الأجيال في العصور السالفة الأنبياء والمرسلون، وإن ما يقوم بها بعد ختم النبوة ورثة الأنبياء الجامعون بين العلم بسنن الله في الإجتماع وبين البصيرة والصدق والإخلاص في حب الإصلاح، وإيثاره على جميع الأهواء والشهوات، ومن يضلل الله فما له من هادٍ ...
النصر والعزة للسودان ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق