في قعر راكوبة ست الشاي (( جمبت ستنا ))
الحلقه الثالثة عشرق
قصة حي الوحده ب ( الحاج يوسف )
( ناس الوحده بتحبو , ونمسكا من بحري )
(1)
كرتون شمبات
لا بد أن نتعلم من التقدم والتطور الكبيرين في التاريخ الانساني الأجتماعي , فقد كنا بشرا" فرادى نخاف بغرائزنا ولا نشعر الا بعاملين هما اشباع الجوع , واطفاء الخوف , ثم صرنا جماعات صغيره , وكل جماعه بعيده عن الاخرى حتى لا تعلم بوجودها , وشغل كل الجماعه الالتجاء لبعضهما من عاملين هما الجوع , والخوف . وتطور البشر الى قبائل أكبر عددا" وتضاربوا وتداخلوا جغرافيا" , فبدأ نزاع البقاء من فعل عاملين هما الجوع والخوف . حتى وصلت البشرية لمدنها وحواضرها وقوانينها , ويبقى السببان وهما درء الجوع والخوف , وانما بأكثر تعقيدا" وتنظيما" , وهذا لم يجر كما تجري المياه بين الضفاف . انما حفرت له المسارات الجديده بالاظافر المخلوطه بالدم والألم والمعاناه لتخلق مجتمعات جديده أعيد تخطيط مفاهيمها للحياة المريحه من جديد .
وعن نشأة حي الوحده ب ( الحاج يوسف) نحكي , وفي ستينات القرن الماضي استوطن خليط من الاثنيات الذين أتى بهم قطار نيالا (دارفور الكبرى+ كردفان الكبرى +دول من غرب افريقيا ) , ويلتقي قطار نيالا بقطار أويل في محطة بابنوسه قادما" من الجنوب ميمما" وجه شطر البندر ( كرش الفيل) ,وهنالك ايضا" من ركب ( الوابو ر ) النيلي منسابا" معه في مجراه الطبيعي من (الرجاف) وحلا الى ان يصل الأسكلا ( كرش الفيل ) , وأيضا" هنالك من ( دودو ) بهم اللوري وأنزلهم ( دلاهم ) في كرش الفيل .
وأختار هذا النسيج الاثني الجميل المنطقه الواقعه شرق شمبات الحله ( الآن شمبات الاراضي) , ملآذا" على مضدد يقيهم اشعاعات وبهاريج وبريق البندر , وعاشوا في اسجام والفه ومحبه باحثين لهم عن موطئ قدم في كرش الفيل الكبيره هذه , وكانوا في حنين دائم لمجتمعاتهم الريفيه ( الرعي , والزراعه ).
وهجرتهم هذه من القرى النائيه البعيده ومن بلاد ومدن عديده, هجره مشروعه من أجل تحقيق وتطوير الذات وكسب ثقافات جديده تساهم في تنمية مجتمعاتهم في فيافيهم وأريافهم البعيده ولو بالجزء اليسير .
نعم طواعية" اختار هولاء ذاك المكان ملآذا" لهم وشمروا سواعدهم وشيدو بيوتهم من الكرتون (HOUSES OF CARDS) , ونتسأل هنا هل يوجد وجه شبه بين اختيارهم هذا , واختيار المناضل الفلسطيني الراحل ياسر عرفات الذي اختار قضيته (القضيه الفلسطينيه) وسماها الاختيار .
وقصة كرتون شمبات هذه تذكرني بالكتاب الشيق ( أبكيك وطني الحبيب) ( CRY BE LOVE MY COUNTRY ) ، للكاتب الأفريقي ( آلن بوتون ) ( ALAN BOTON ) ، اذ يقول راويا" في كتابه هذا : (( وفي ليلة واحده فقط شيدت قبائل الزولو في بريتوريا مدينه كامله من الصفيح ، وتفاجأ البيض صباحا" بمدينة أكواخ الصفيح والتي سميت مجازا" ب ( الأشانتي تاون ) , لأن أثنية ( الاشانتي ) من أكبر الاثنيات والمجموعات الافريقيه هي أول من شيد وبنى أكواخ الصفيح المجاوره للمركز ( هامش المركز ) , وبذا يكون كرتون شمبات اول ( هامش مركز ) في مدينة الخرطوم بحري .
وبدأ سكان كرتون شمبات في تنظيم حياتهم طبقا" لما في أريافهم , وجعلوا على رأس كل اثنيه شيخ , وكمثال وليس للحصر , العم جون شول على رأس الجنوبيين , الشيخ داؤد طه على رأس مجموعة البقاره , العم صالح يس آدم على رأس مجموعة النوبه , العم كوكو محمد كرار على رأس مجموعة الداجو , العم اسماعيل أحمد بابكر على رأس مجموعة العطاوه بدارفور , الشيخ مضوي موسى على رأس مجموعة السلامات , مولانا الشيخ آدم اسحق على رأس مجموعة الفور , العم حسب الرسول أدريس على رأس مجموعة الرزيقات , ومولانا الشيخ محمد يحي على رأس مجموعة البرقو , والشيخ ادريس والد ادريس بن ادريس على رأس مجموعات (الكالمبو والقرعان والبرنو ) . وأختار اهالي شمبات مجتمعين الشيخ داؤد طه شيخا" لعموم أهالي كرتون شمبات .
والشيخ داؤد طه منزله بمربع (5) , هو والد حسين داؤد الشهير ب ( حسين ود ملبوك ) , وهو من الدفعات الاولى لمدرسة الوحده الابتدائيه بمربع (5) , ومن مهاجمي فريق البرازيل بالوحده , والآن مقيم بأيطاليا ويحمل الجنسية الايطالية. وعندما يذكر حي الوحده لا بد ان يذكر اسم الشيخ داؤد طه . وهذا يذكرني بأنتخابات الديمقراطية الثالثه عام 1986م , عندما ترشح الراحل المقيم الزعيم السودان الكبير الأب فيليب عباس غبوش ممثلا" لدائرة الوحده بالحاج يوسف عن الحزب القومي السوداني , واثناء تدشين حملته الانتخابيه في حي الوحده مغازلا" زعماءها واهاليها قائلا" بدهاء سياسي : (( حي الوحده ده ما مفروض يسموه حي الوحده , المفروض يسموه حي الشيخ داؤد طه )) . ويقينا" حينها كان يعرف الأب فيليب مكانة الشيخ داؤد طه عند اهالي الوحده. وفاز الأب فيليب عباس غبوش بأغلبيه ساحقه.
،،،، ونواصل .....
عزيزي القارئ هذا حجر رميانه في يم حي الوحده العميق والساكن , نريد ان نغوص به في الاعماق لسبر لألئ ودرر هذا الحي العمالي العريق في كل النواحي والجوانب الرياضية , الاجتماعية , الثقافيه , الاكاديمية , والسياسية .
كسره و شبال :
يا الزولا" اللي كنت شفت , ما قلنا ليك زمنك فآآآآآآآآت , وغنآآآآآآآآيك مات ... ومآآآآآآآآآآآآآآلك الليله مصنقع تحت .
قالو : (( أم جركم ما بتأكل خريفين ))
********************************************************
قصة حي الوحده ب ( الحاج يوسف )
( ناس الوحده بتحبو ، ونمسكا من بحري )
الحلقة الثانية
كرتون شمبات
هنالك قصة تايلانديه تدور حول ضفدعين ، والتايلانديون مشهورون بأكل الضفادع ، ويقدمونها كحلية اطباقهم ، والضفادع كالعادة تقفز وهذا من طبيعة تكوينها .
ويقال ان فلاحا" راودته فكرة أكل ضفدع يعني جاءه ( مزآآآآآآآج ) ، فأخذ ضفدعا" ليأكله ، وفعل مثله صاحبه متغولا" على زمام مبادرته ، وبعجاله ( شلاقه ) سخن الماء حتى غلى ووضع فيه الضفدع فقفز الضفدع قفزة" أكبر من قفزاته المعتاده . فهرب !!! . وبينما الفلاح الاول وضع الضفدع في ماء عادي ، ثم بدأ في تسخينه تدريجيا" حتى أستوى الضفدع ناضجا" سائغا" للآكلين .
والمجتمعات الصغيرة عندما تضعها في مكان جديد دون اعداد وتدريج تعليمي وسلوكي ، فأنها تقفز أكبر الي مستنقعاتها القديمة من الطبقية والقبلية والانتماءات الضيقه ، فيزداد التشرذم ، ويتكثف العداء ، وهذا سر أن الاقليات تماسكها العنصري أقوى في الخارج مما هو عليه في بلادها أو مناطقها .
وفي النصف الثاني من عام 1969م وبداية السبعينات بدأ أهالي كرتون شمبات في الازدياد بوتيره متسارعه ( كل فرد يحث أخاه أو قريبه أو صديقه للانضمام الى ركب ذاك الاختيار ) . وتوسع كرتون شمبات الى ان أصبح واقعا" محسوسا" وملموسا" في شرق شمبات الحله . يرسمون بالعمل الاجتماعي وبالتآلف الفرقي مجتمعا" واحدا" بأنتماء واحد ولهدف واحد .
وبدأت احتكاكات الجوار الطبيعي والمناوشات بين أهالي كرتون شمبات و أهالي شمبات الحله ، بسبب احتكاكات الاطفال و الصبيان البريئة من جهه ، وأيضا" بسبب تغول ماشية وأنعام أهالي كرتون شمبات الهائمة على مزارع وأشجار وحدائق أهالي شمبات الحله من جهة اخرى . وأيضا" عزوف السكان عن الايجارات في شمبات الحله ، واللجوء الى السكن المجاني في كرتون شمبات له أثره الاقتصادي الذي أنعكس على ملاك العقارات والايجارات في شمبات الحله بصفه خاصه ، وعموم بحري بصفة عامه .
ومن جهة اخرى اصبح سكان كرتون شمبات (( العمال )) يمثلون ايضا" واقعا" محسوسا" وملموسا" في مواقع اعمالهم واشغالهم المختلفه ، خاصة" في شركات ومصانع المنطقه الصناعيه بحري . وكانوا أكبر كتلة قوى عامله نقابيه ومؤثره في مصنعي النسيج ( السوداني و الياباني ) ، وهما أكبر مصنعي نسيج في السودان والعالم العربي وافريقيا حينذاك . عندما كان السودان اكبر دول العالم انتاجا" وتصديرا" للذهب الابيض ( القطن ) . وأيضا" يمثلون قوى وكتله نقابيه لا يستهان بها في المصانع والشركات الاخرى ، وكان هولاء العمال هم القوى العامله التي ساهمت مساهمة" فعاله بالنهوض بالاقتصاد السوداني بعد الاستقلال .
وبما ان التيارات الفكريه ( الامه + الشيوعي + الاتحادي ) هي تيارات راسخة الجذور من قبل الاستقلال وكانت مناوئه للوضع القائم آنذاك ( مايو ) ، وكانوا في نديه وسجال دائم معه . الا ان السواد الاعظم من أهالي كرتون شمبات ينتمون لتيار ( الأمه والأنصار ) . وقليل منهم ينتمون للتيار التقدمي ( الشيوعي ) ، وكان المد القومي والتقدمي في قمة مجده . و ثله أقل من أصابع اليد الواحده منهم ينتمون الى الاتحاي الديمقراطي لكنهم كانوا مؤثرين جدا" .
وأيضا" بدأت حينذآك الاحتكاكات الخشنه في المجال النقابي في الشركات والمصانع ، والتي بات يشكل فيها سكان و أهالي كرتون شمبات القوى العامله العظمى والمؤثره في العمل النقابي المناوئ للوضع القائم آنذاك ( مايو ) .
وأصبح أهالي كرتون شمبات يمثلون خميرة عكننه دائمه في اماكن سكنهم واعمالهم واشغالهم ل ( مايو ) .
وصار أمر التخلص منهم وابعادهم من أهم اولويات أهالي شمبات الحله من جهه ، ومن النظام القائم آنذاك ( مايو ) ، وتقول الروايه الشفاهيه المتداوله ان بعض متملقي ( مايو ) وحارقي بخورها وجدوها فرصه مؤاتيه للأصطياد في المياه العكره ، وضرب عصفوران بحجر واحد . فالاول هو ابعاد ونفي أهالي كرتون شمبات بعيدا" . والثاني تقربهم زلفى ل ( مايو ) . قائلين للرئيس نميري : (( يا ريس ال(..........) ديل بتاعين مشاكل (دواس ) ، وعاملين عكننه في النقابات العماليه وفي سكنهم مع جيرانهم . ولو خليناهم كدي ، الناس ديل بيدخلوا القصر الجمهوري ده ( كداري ) ، وحمرة عين ( بضم الحاء) ، أي يعني ( رجاله غبشه ) و ضحى ( الشمس فوق ) ، ويستلموا القصر الجمهوري ده بالعصي والسكاكين والحراب ، والحراب المسننه ( كوكاب ) ، والحراب المفلطحه ( شلكايه ) . ومن حجج و مبررات حارقي البخور الواهيه ايضا" ان منظر كرتون شمبات في مدخل الخرطوم بحري وموازيا" لخط السكه حديد القادم من الشمال ومصر منظر ومظهر غير لائق ومشوه خاصة" والقطار يحمل في جوفه اجانب كثر.
وللمعلوميه كان هنالك رابط واحد يربط الخرطوم بالخرطوم بحري هو كبري النيل الازرق الحديدي . والمسافه من كرتون شمبات الى الكبري كانت تمشى بالارجل ( كداري ) .
وفي سرعه متناهيه أمر الرئيس نميري بعمل دراسه سكانيه عاجله وطارئه ، وايجاد البديل السكني ( مخطط سكني ) لهم . وتم ذلك فورا" ، وتم تحديد منطقة ( الوحده ) ب ( الحاج يوسف ) الآن منفى أجباري لهم ، وكانت المنطقه هذه شبه غابيه ومستنقع آسن و راكض لمياه الامطار وبعيده كل البعد عن المركز ، وبالتالي ابعادهم والتخلص منهم ومن أفاعيلهم .
،،،،،،،، ونواصل ،،،،،،،،،
عزيزي القارئ استميحك عذرا" أن تظل واقفا" ( مشرورا" ) في هذا الجو القاسي ( الشمس وزمهريرها اللافح والحار ، أو البرد وصقيعه البارد ) ، مستظلا" ببيوت الكرتون الواهيه في ذاك الفناء الواسع العريض من المليون ميل مربع حينها .
كسره و شبال :
المثل الدارفوري الشهير بيقول : (( ألمي حآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآر ، و لا لعب قعوووووووووووووووووووونج )).
يآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآهوووووووووي يآآآآآآ انته يآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ..................
البحر رآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآيق والقعوووووووووووووووووووووووووووووووووووونج مضآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآيك .
ويآآآآ قعووووونج أغطس في مستنقعاتك ( بركك ) .
أيوب أبكر محمد أحمد الحويطات