هولاء هم القادة
عن نميري .. قصة حقيقة .. كما وردتني
قال لي زميلي في العمل - في بداية السبعينات ذهبت مع الوالدة لمصلحة الأراضي لاستلام قطعة سكنية باسم والدي الذي كان وقتها قد تعرض لحادث مروري جعله طريح الفراش بالمنزل ، وكانت والدتي هي من تتابع موضوع القطعة مع الأراضي ومطاولاتها التي لا تنتهي، حتى أن مدير الأرضي كان غير متعاون البته مع والدتي ويتماطل في تكملة الإجراءات لتسليمها القطعة رغم استحقاق الوالد، مع العلم أن الذين تقدموا معنا في نفس الفترة استلموا قطعهم، لكن الوالدة لم تيأس واستمرت في ملاحقة أوراق الاستحقاق ومراجعة مدير الأراضي دون كلل أو ملل.
وفي أحد المراجعات دخلت مع والدتي علي مكتب المدير وأذكر تماما إفادته لأمي بعدم الاستحقاق، وحينها أخرجت والدتي الأوراق مكتملة، لكن نهرها المدير قائلا لها استحقاقك غير مكتمل ولا تأتي مرة أخرى.... كنت صغير لم يتعد سني السبعة سنوات ، لم اتمالك نفسي لحظتها ورديت علي المدير بالقول ما تصرخ في وجه امي.. وخرجنا من الأراضي ووالدتي في حزن شديد وجلست تبكي من قهر ذلك المدير وتردد ... حسبنا الله ونعم الوكيل.. لا حولة ولا قوه الا بالله .. و أثناء تحركنا كنت ألمح أمي بطرف عيني وهي تبكي بحرقة ودموعها لاتتوقف .... ركبنا مواصلات الثورة بالنص حيث كنا نستأجر بيتا بالحارة السادسة .. وأثناء سير البص لم تتوقف دموع امي .. وعند وصولنا حي ود نوباوي فجأة وقفت امي وطلبت مني النزول.. قلت لها إلى أين يا أمي.. قالت .. ماشين للرئيس نميري في بيته.. كنت لا اعرف ما هو الرئيس ولماذا قررت والدتي الذهاب له نزلنا من البص وهي تمسك بيدي، و عندما وصلنا أمام أحد المنازل وجدنا أحد أفراد الحراسة واستقبلنا بكل بشاشة.. وسأل والدتي عن ماذا تريد فردت انها تريد مقابلة الرئيس نميري .. فدخل الرجل ثم عاد وقال لحظات الرئيس قادم اليكم وماهي إلا لحظات جاءنا الرئيس نميري بالخارج ، واذكر جيدا كان يرتدي عراقي بلدي وسروال طويل دون حرس ... سلم علينا كأنه يعرفنا وسأل والدتي عن المشكلة .. بدأت امي كلامها كالآتي بدون تنسيق ... اجراءاتي مكتملة كلها .. وبدأت في البكاء وعجزت ان توصل معلومة للرئيس... قال ليها دقيقة يا أمي لحظة .. دخل المنزل وخرج يحمل جك ماء وكوز ا .. صب الماء وقدمه لامي قائلا .. اشربي براحة وهدي من نفسك واحكي لي عشان افهم الحاصل ونحل المشكلة... امي بعد أن شربت من يد الرئيس هدأت وحكت الحاصل بهدوء وبكل التفاصيل والمعاناة ... استلم الرئيس الورق وتفحصه ثم أخرج قلما وفي "كبوت" العربية التي كانت تقف امام المنزل وضع الورق وكتب عليه ثم وقع وقال لأمي .. بكرة امشي الاراضي وقدمي اوراقك وماحتجيني راجعة انشاء الله ... والشهادة لله في حق هذا الرجل ... شالني النميري ورفعني فوق وختاني في كبوت العربية ممازحا ،ورافعا معنويات امي .ز وقال ليها نحنا معاك ياوالدة اي وقت تجيني.. امي دعت للرئيس وشلنا ورقنا ومشينا وامي توقفت عن البكاء ..وصلنا البيت وابوي كان راقد سأل امي الحصل شنو .ز قالت ليه مدير الأراضي طردني بحجة ان الأوراق غير مكتملة ... وبعدين عملتي شنو ... فقالت أمي ... مشيت للرئيس نميري ... ابوي من المفاجأة قام وقف علي حيلوا وقال مشيت وين!! قالت ليهو مشينا لنميري في بيته ابوي بقى يسأل سؤال نكير ... الحرس مامنعكم ... والنميري كان لابس شنو ... وقال شنو ... المهم امي أدتو الورق ابوي قرأ كلام الرئيس قال خلاص دربنا مرق كان كدي. تاني يوم رجعنا الأراضي دخلنا علي المدير قبل ما نصل قال لي امي.... أمبارح انا ماقلت ليك ماتجينا ياحاجة .... امي ما اشتغلت بكلامه سلمتوا الورق ... المدير الله .. وربنا يسألني يوم القيامة .. لما شاف كتابة نميري وقف علي حيلوا وقال لينا اتفضلوا اتفضلوا ... قعدنا ضرب جاء الجرسون .. المدير قال تشربوا شنو امي حلفت بالله ما تشرب حاجة . . ورغم انه جاب البيبسي قدامها لم تشرب .. وانا شربت ماكنت عارف حاجة اسمها زعل وتاني المدير اتصل مكتبه دخلوه عدة موظفين وكلهم يسلموا علينا .. المهم خمسة دقائق جابوا ورق القطعة وجابوا اللاندروفر وقالوا تركبوا تستلموا القطعة علي الطبيعة وركبوا معانا مهندسين وعمال سلمونا قطعتنا ناصية في الثورة فورا وكمان حددوا مساحتها ودقوا الأوتداد ورجعونا لحد بيتنا بعربيتهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق