سياحة معرفية في الأغنية السودانية .. الوطن
يتخذ التعبير سبعة أشكال بالكلمة والحركة واللوحة والمشهد والصوت والصورة واللحن والأغنية . والأغنية السودانية سواء الوطنية أو العاطفية لعبت دوراً بارزاً في توحيد الوجدان السوداني بمختلف الأقاليم الجغرافية ، كما أسهمت في رفع الروح المعنوية وسط شرائح الشعب المختلفة وأسست ذوقاً عاماً وحدوي رافضاً لأي اتجاه لتقسيم أوصال الوطن الواحد منذ الاستقلال 1956م .
(سودانيا وبيليدنا وكلنا اكوان)
مطلع اغنية وطنية صدح بها المطرب يوسف فتاكي من جنوب السودان في مطلع ستينيات القرن الماضي بلسان عرب جوبا (سوداننا وبلدنا وكلنا أخوان) كلمات تدعو إلى الوحدة والوطن الواحد .
(ما في شمال بدون جنوب ما في جنوب بدون شمال وكلنا اخوان)
وهي اغنية أخرى تغنى بها الفنان صلاح مصطفى عند مطلع سبعينيات القرن الماضي بعد التوقيع على اتفاقية اديس ابابا عام 1972م والتي أعطت الجنوب حكماً ذاتياً انهى حرباً بين شطري الوطن .
الاغنية الوطنية ظلت تقوم بدورها المتواصل منذ نشأة الدولة السودانية في منتصف القرن التاسع عشر ، وكانت تشحذ الهمم وتدفع للمناضلة والجهاد والكفاح من أجل الوطن والموت في سبيله ، وبدأت هذه الأغنية تؤدي ادوارها عبر أشكال أدائية مختلفة اتخذت مسميات متباينة ( دوبيت -نمة - جراري - طمبرة - الخ) يقوم به فرد واحد رجل كان او امرأة او تقوم به مجموعات ثم تطور الامر حتى صارت حقيبة شعبية ، واخيرا اصبحت الاغنية الحالية التي تصاحبها الآلات الموسيقية .
غنى خليل فرح للوطن الواحد المناهض للاستعمار (عازة في هواك) كما غنى سرور (الفي فؤاد ترعاه العناية بين ضلوعي الوطن العزيز) ثم جاء أحمد المصطفي يغني (انا امدرمان انا السودان) وعبرت اغنية الوسط عن كل السودان الواحد ولم تنحاز إلى جهة جغرافية محددة وغنى الكاشف ( انا إفريقي انا سوداني) ثم غنى عثمان الشفيع ( وطن الجدود) واخرى (يا الفي جنوب حييت شمال) .
وتمضي مسيرة الاغنية الوطنية في رتق وتعضيد النسيج الوجداني الواحد . تغنى عثمان حسين (افديك بالروح يا موطني ) وتغنى سيد خليفة (يا وطنى يا بلد احبابي في وجودي أهواك أو في غيابي) وغنى إبراهيم عوض (احبَّ مكان وطني السودان ) وتغنى وردي (وطنا باسمك كتبنا ورطنا) ومحمد الأمين (السودان الالف اللام السين) .
اما الاغاني الشعبية فهي كثيرة ومنها على سبيل المثال( جدودنا زمان وصونا على الوطن) تغنى بها الثنائي ميرغني المأمون وأحمد حسن جمعة . اغاني وطنيات راسخات داخل الوجدان الواحد (سوداني الجوة وجداني بريدو) غناها زنقار . اغنيات دعت إلى وطن مستقل متماسك وسرت كلماتها في القلوب بسرعة ووجدت تجاوبا شعبيا وساهمت بالتالي في بلورة رأي عام ومزاج وطني واحد ، استطاع خلق وحدة سياسية تجذرت في الأعماق لأن الأغاني الوطنية ، حملت معانٍ ومفردات لغتها سهلة بسيطة مما ساعد في انتشارها وسط الشعب وتغنى بها الجميع .
اليوم ستلعب الاغنية الوطنية نفس الدور الرسالي الوطني الرائد وستظل تؤديه طالما هدفنا واحد وهو السودان الموحد الذي يسع الجميع .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق