الأحد، 13 مارس 2022

السينما في السودان

 السينما في السودان🎥🎥🎥🎥

♦️ وصلت السينما الى السودان عقب اختراعاتها وبدء انتشارها في اوروبا والولايات المتحدة أواخر القرن التاسع عشر. لكن حصيلة ما يزيد عن مائة عام من علاقة السودانيين بهذا الفن لم تتعدى المشاهدة وإنتاج أفلام قصيرة، معظمها أفلام تسجيلية، مع غياب شبه تام لصناعة الأفلام الروائية الطويلة.

♦️ بعد نحو عشرة أعوام فقط من تدشين أول عرض سينمائي في العالم سنة 1895 بباريس، على يد الأخوان لوميير، وصل مصور للسينماتوغراف إلى السودان في 1906 وصور أفلاما فيه. وفي 1910 صور المخرج السويسري د.م. دفيد فيلما عن رحلة صيد قام بها إلى السودان. ويخبرنا رائد السينما السودانية الراحل كمال محمد إبراهيم في كتابة "السينما في السودان ماضيها حاضرها مستقبلها" أن أول عرض سينمائي في السودان تمّ بمدينة الأبيض في عام 1911 ضمن الاحتفالات بمناسبة إكمال مد خط السكة الحديد إلى هناك.

♦️ وفي العقد الثاني من القرن العشرين بدأت سينما "سكيتنج رنق" بالعاصمة السودانية الخرطوم تقديم عروض منتظمة للأفلام الصامتة. ثم أدخل الحكام الإنجليز السينما المتجولة التي جابت إنحاء السودان المختلفة. ومهد ذلك لظهور أول دار عرض للأفلام الناطقة في 1930. وبلغ عدد دور العرض في الثمانينات 71 داراً .

♦️ كل ذلك انتهى بين يوم وليلة، فبعد أقل من عامين من استيلاء الإسلاميين على السلطة في العام 1989، تمت تصفية المؤسسة العامة للسينما التي كانت تتولي مسؤولية استيراد وتوزيع الأفلام، وبدأت العروض السينمائية في التلاشي والتوقف، فلم ينقضي النصف الأول من التسعينات، حتى صارت جل تلك الدور تقريبا مجرد أحواش وأطلال مهجورة. وحاليا لا تعمل  في السودان سوى سينما واحدة موجودة بمركز عفراء التجاري بالخرطوم.

♦️ جرى في عام 1940 تأسيس شركة السينما السودانية التي أنتجت أفلاما غنائية قصيرة مع شركة مصر للتمثيل والسينما، لكن بداية الإنتاج السينمائي ارتبط بإنشاء وحدة أفلام السودان في عام 1949 علي يد المستعمرين الانجليز. واقتصر إنتاج هذه الوحدة آنذاك على الأفلام التسجيلية الدعائية والإخبارية والإرشادية إضافة إلى إصدار جريدة سينمائية نصف شهرية.

♦️ وفي 1951 جرى إنتاج أول فيلم سوداني ملون، وكان عبارة عن أغنية مصورة للفنان حسن عطية. والآن ليس هناك فيلموجرافيا عن كل إنتاج وحدة أفلام السودان، لكن هناك لجنة جرى تشكيلها في 1999 حصرت وجود 3654 فصلا (الفصل نحو 10 دقائق) من الأفلام وأعداد الجريدة التي أٌنتجت خلال 50 عاما (1949-1999).

♦️ ارتبطت وحدة أفلام السودان باسمي رائدي السينما السودانية: كمال محمد إبراهيم، وجاد الله جبارة (1920- 2008) اللذان التحقا بالعمل في الوحدة عند تأسيسها، وصارا أول سودانيين يمتهنان العمل السينمائي، وهما اللذان اخرجا كل الأفلام الأولى للوحدة ووضعا سيناريوهاتها، ثم رفدا أرشيف السينما في السودان بعشرات من الأفلام التسجيلية والروائية خلال مسيرة استمرت لعدة عقود.

♦️ في ستينات القرن العشرين جرى إنشاء إدارة الإنتاج السينمائي في وزارة الثقافة، وتم ضم وحدة أفلام السودان إلى هذه الإدارة، كما تم تأسيس وحدة السينما في تلفزيون السودان، وبرزت آنذاك أسماء عدد من الرواد السينمائيين منهم الخير هاشم، ومحمد عيد زكي، والرشيد مهدي. وفي 1972 تم إنشاء قسم للسينما في مصلحة الثقافة بوزارة الثقافة والإعلام.

♦️ وظهر في العقدين السابع والثامن من القرن الجيل الثاني من السينمائيين السودانيين متشكلا من المتخصصين الذين درس معظمهم السينما في أوروبا ومصر، وأحدث هذه الجيل حراكاً واضحاً في المشهد السينمائي السوداني، وكان من أبرز أفراده المخرجين: حسين شريف، إبراهيم شداد، أنور هاشم، الطيب المهدي، سامي الصاوي، عبد الرحمن نجدي، وآخرين، وعمل هؤلاء على التأسيس لسينما تسجيلية إبداعية تتجاوز نمط الإنتاج الدعائي والإرشادي الذي اتصفت به وحدة أفلام السودان في سنواتها الأولى، وأنتجوا بالفعل أفلاما تسجيلية وروائية قصيرة وافرة الفنيات الجمالية.

♦️ والى جانب أفلام الرائدين إبراهيم وجبارة ظهر العديد من الأفلام التسجيلية الأخرى، منها "السودان الحديث" للخير هاشم، و"جزع النار"، و"النمور شكلها أفضل" لحسين شريف، و"دائرة على حجر" لسامي الصاوي، و"الزار" (1976) لحورية حاكم، و"الضريح"، و"أربعة مرت للأطفال"  للطيب المهدي.

السينما الروائية

♦️ سبعة أفلام روائية طويلة فقط هو ما أنجزته السينما في السودان حتى الآن. جاءت البداية في العام 1970 حينما قام "أستوديو الرشيد" بإنتاج فيلم "آمال وأحلام" للمخرج إبراهيم ملاسي، ثم جاءت افلام "تاجوج" (1982)، و"بركة الشيخ" (2001) و"البؤساء" لجاد الله جبارة، و"شروق" (1973)، و"رحلة عيون" (1983) لأنور هاشم، و"العدل فوق القانون" و"يبقى الأمل" لعبد الرحمن محمد عبد الرحمن. ويمكن إضافة فيلم "عرس الزين" (1976) للمخرج خالد الصديق فمؤلف القصة والممثلون سودانيون لكن الفيلم من إنتاج وإخراج كويتي.

♦️ وكانت جهود إنتاج الأفلام الروائية قد بدأت منذ وقت مبكر في السودان ولكنها اختصرت في غالبيتها على الأفلام القصيرة، وجاءت بواكيرها على يد الرائدين كمال محمد إبراهيم وجاد الله جبارة، فقدم الأول فيلمي "الطفولة المشردة" (1952) و"المنكوب"، وقدم الثاني "تور الجر في العيادة"، ثم توالي الإنتاج، واشتهر مما أنتج "انتزاع الكهرمان" لحسين شريف (1975)، و"جمل" و"حبل" و"إنسان" لإبراهيم شداد، و"المحطة" للطيب المهدي وغيرهم.

♦️ ونالت بعض الأفلام السودانية جوائز من مهرجانات دولية وإقليمية، ومن بين ذلك فاز فيلم "الضريح" للطيب المهدي بذهبية القاهرة للأفلام القصيرة عام 1972، ونال فيلم "ولكن الأرض تدور" لسليمان محمد إبراهيم ذهبية مهرجان موسكو لعام 1979، وحصد فيلم "جمل" لشداد جائزة النقاد في مهرجان كان عام 1986، وجائزة مهرجان ليل، وجائزة السيف الذهبي في مهرجان دمشق للأفلام التسجيلية، وحصل فيلم "حبل" للمخرج نفسه على ذهبية مهرجان دمشق في العام التالي، كما حاز فيلم "تاجوج" لجاد الله جبارة على عدة جوائز في تسعة مهرجانات دولية وإقليمية.

♦️ صاحب عمليات المشاهدة والإنتاج السينمائيين في السودان أنشطة  ثقافية وفكرية أخرى مرتبطة بفن السينما، ومن ذلك ظهرت في العام 1957 "جمعية الخرطوم للفيلم"، وفي 1978 تأسس نادي السينما السوداني، وصدرت في ذات العام مجلة "سينما" عن وزارة الثقافة، وبعدها مجلة "السينما والمجتمع" في 1980. ثم شهد العام 1989 ميلاد "جماعة الفيلم السوداني" التي اهتمت بعمليات صناعة الأفلام والتدريب.

♦️ يلخص المخرج والباحث السينمائي وجدي كامل في كتابه "السينما هرم الدولة المقلوب" أهم المشكلات التي واجهها إنتاج الأفلام الروائية الطويلة ومن أههما: غياب دور الدولة في التخطيط السينمائي، وعزوف القطاع الخاص عن الاستثمار في هذا المجال، وانهيار دُور العرض، فضلا عن الافتقار للأجهزة والمعدات التصويرية الحديثة، وعدم وجود متخصصين خريجين في العديد من المجالات الدقيقة للإنتاج السينمائي، إضافة إلى وجود رقابة رسمية متزمتة، ووجود نظام ضريبي لا يساعد على الاستثمار في السينما، ويضيف كامل سببا أخر هو: "ضعف الإسهام وضعف والمهارة الفنية والتقنية في المحاولات المعدودة التي جرت لإنتاج أفلام روائية سودانية طويلة". ويقول إن تلك التجارب لم تعمل على تنظيف الأرض من شوك التجريب، فواجهت مصائر بائسة من ناحية التطبيقية الحرفية والفنية ونالت سمعة سلبية لدى المشاهد، ما جعل القطاع الخاص غير متحمس للدخول في مغامرات من تلك الشاكلة.

♦️ ينقل السينمائي ناصر الطيب في كتابه "نشأة وتطور الفيلم التسجيلي في السودان" عن عوض الضو، آخر مدير لإدارة الإنتاج السينمائي، قوله إن العمل "استمر بصورة جيدة في الإنتاج السينمائي حتى 1981- 1982، بعدها بدأ العد التنازلي للاهتمام بالسينما من جانب الدولة". وعقب وصول الإسلاميين للسلطة في 1989م امتدت النكسة التي أصابت نشاط المشاهدة السينمائية في السودان لتصيب الإنتاج السينمائي والنشاط الثقافي الموازي في مقتل، فقد تمت تصفية مؤسسة الدولة للسينما، وقسم السينما في مصلحة الثقافة، ووحدة السينما في تلفزيون السودان، وجرى قطع التمويل، فتوقف الإنتاج بشكل تام منذ العام 1995. كما تم إغلاق نادي السينما، وتوقفت مجلة "سينما" عن الصدور، وتشتت عدد مقدر من السينمائيين السودانيين في دول المهجر والاغتراب.

♦️ وشهدت السنوات عقب بداية الألفية الثالثة تأسيس وتنشيط عدد من الكيانات التي عملت لإحياء النشاط السينمائي في السودان، فجرى في العام 2001 بعث نادي السينما السوداني، كما تم إعادة تأسيس "جماعة الفيلم السوداني"، وتولت الجماعة في 2016 إعادة إصدار مجلة "سينما".

♦️ وفي 2010 وبرعاية من معهد جوتة الألماني بالخرطوم بدأ مشروع "سودان فيلم فاكتوري" لتدريب الشباب على أسس صناعة الأفلام. وفي 2014 أصبح هذا المشروع منصة سودانية مستقلة لإنتاج الأفلام والسينما، وأنتجت المنصة أكثر من 44 فيلماً، ونظمت ما يزيد عن 50 ورشة تدريبية ودروسًا رئيسية في المجالات المختلفة للصنعة السينمائية.

♦️ كما شهدت السنوات الأخيرة قيام كيانات أخرى مهتمة بعمليات الإنتاج والمشاهدة السينمائيين، من أبرزها  مجموعات "سينما الشباب"، و"غرفة صناعة السينما"، ومبادرة تعليم الأطفال صناعة السينما، و"المبادرة السويسرية لدعم السينما في السودان. وفي ذات السنوات قامت عدد من المهرجانات السينمائية التي أحدثت حراكا سينمائيا، حيث انتظم سنويا "مهرجان السودان للسينما المستقلة" الذي تنظمه "سودان فيلم فاكتوري"، ومهرجان جائزة تهارقا الدولية للسينما والفنون الذي تنظمه "سينما الشباب"، ومهرجان الفيلم الأوروبي، ومهرجان الخرطوم للفيلم العربي.

♦️ منقول

ليست هناك تعليقات:

مشاركة مميزة

في قعر ركوبة ست الشاي

 في قعر راكوبة ست الشاي جمبت ستنا                             مآآآآآآآ حارتنا  و بِنريدآآآآآآآ    !!!!!!! لبعض الأوباش في حارتنا وحدتنا الذي...

Post