الاثنين، 21 فبراير 2022

المفكر السياسي دكتور منصور خالد

 المفكر السياسي د منصور خالد محمد عبدالماجد 

هو البكر في أبناء الشيخ خالد محمد عبدالماجد حامد النور (الكبير) وحفيد الشيخين الجليلين: جده (لأبيه) الشيخ محمد عبدالماجد حامد (الفكي ود عبدالماجد) العالم المالكي المتصوف والذي أفنى عمره في تدريس الفقه المالكي والتصوف، وجده (لأمه) الشيخ أحمد الصاوي عبدالماجد حامد القاضي الشرعي والذي عمل، أيضا، بتدريس الفقه. وهو، أيضا، إبن أخي الفقيه العالم والأديب الأريب الشيخ عبدالعزيز (الدباغ) محمد عبدالماجد وإخوته. والدته هي الحاجة سارة كريمة الفقيه الشيخ أحمد الصاوي عبدالماجد. ومن أشقائه: محمد، كوكب، سعاد، آمال، بثينة، عزيزة، فوزية، وآمنة. ولد منصور في يناير من العام 1931م بحي الهجرة بأمدرمان ونشأ وتربى تحت عناية وإشراف والده وأعمامه في بيئة دينية وأسرة يغلُب عليها طابِع الزهد والتصوف وإحتوت، في فترات لاحقة، عددا مُقدرا من العلماء والأدباء والمعلمين و كبار موظفي الدولة. ورغم بعض إهتمام في بواكيرِ صباه بالفنون الجميلة إلا أنه تخير دراسة القانون بعد أن أكمل تعليمة الأولي ثم الأوسط بأمدرمان الأميرية والثانوي بمدرسة وادي سيدنا ومن ثم قبوله بكلية الحقوق بكلية الخرطوم الجامعية (كلية غوردون) مزاملا، حينها، الدكتور حسن عبدالله الترابي ورئيس القضاء الأسبق خلف الله الرشيد ووزير العدل الأسبق عبدالعزيز شِدو. ظهرت أولى بوادر معالم نبوغه و سطع نجمه علي أيام الدراسة و بخاصة صولاته وجولاته المشهودة بالجمعيات الأدبية. وأكثر ما لفت الإنتباه إليه، في ذلك الشأن، تميزه بالبحث والتقصي و دقة التحليل والسعي وراء الحقائق معززا كل ذلك، لاحقا، بمقدرات عالية في الكتابة "قوامها سلامة اللغة وجمال البلاغة وسعة التخيل“(1). وعلي أيام الدراسة تلك، ومع تأزم الصراع الأزلي بين الإخوان المسلمين وفصائل الحركة اليسارية، ناهض منصور كلا تياري الأخوان المسلمين والشيوعيين بالجامعة ما قاده وآخرين لإنشاء ما يسمى بجماعة المستقليين، وهو إتجاه و موقف مغاير ضد الإيديولوجيات نابع من قوة إيمانه بمبدأ (إستقلال الرأي) والبعد عن الإستقطاب. في تلك الفترة، كذلك، مجه إهتمامه للصِحافة فعمل مراسلا مستقلا لعدد من الصحف اليومية السودانية، منها صحيفة (النيل) الناطقة بلسان جماعة أنصار المهدي، و كذا صحيفة (المستقبل) لصاحبها الشريف حسين الهندي. لم يطل بمنصور الوقت في عكس إتجاهاته، إذ سرعان ما أصبح مراسلا لوكالة "الصِحافة الفِرنسية" (AFP) مقيما بالخرطوم ما حفّزه

حفزه للسعي لتعلم الللغة الفِرنسية بالمركز الثقافي الفِرنسي بالخرطوم. بتخرجه في العام 1956م، وخلال تلك الفترة، إنخرط في ممارسة العمل القانونِي بعد إتاحة سانحة له بذلك بمكتب المحامي فاروق أبو عيسى، ثم المحامي إيميلي قرنفلي ثم مع  المحامي الفاتح عبود قبل أن يتولى مهمة التعاون مع مكتب رئيس الوزراء، حينئذ، الأميرلآي عبدالله بك خليل (56 -1958)م. فيما بعد، أُتيحت له الفرصة للحصول علي منحة دراسية لتعلم الفرنسية بمعقلها .. فرنسا. تلك كانت سانحة أخرى له، بجانب ممارسة وإجادة اللغة الفِرنسية لإستغلال وجوده بعاصمة النور "باريس" لفتح آفاق جديدة تتنامى وتتعدد فيها إهتماماته وبخاصة إتاحة أبعاد جديدة أمامه في الثقافة الأفريقية وذلك من خلال عمله اللّصيق مع مجلة Présence Africaine و(مقرها باريس) ما وسع بشكل مضطرد من دائرة صداقاته إلي حد بعيد. إلتقي في غضون ذلك بالدكتور حسن عبدالله الترابي، والذي كان يقرأ حينها للدكتوراة في القانون الدستوري وأصبحت له مع االرجل علاقة صداقة متينة ليستمر إتصالهما  بشكل منتظم حتى بعد مغادرته باريس للجزائر. قرر بعدها السفر لأمريكا وإلتحق فيها بجامعة بنسلفانيا بولاية فلاديلفيا حيث نال إجازة الماجستير في القانون الدولي. ثم تمكن، لاحقا، من الحصول علي منحة دِراسية أخرى في النظرية الإقتصادية بنفس الجامعة. كان قد تزامل، أثناء ذلك، مع نبيل شعث وزير التعاون الدولي في السُلطة الفلسطينية، سابقا. وبنفس الوقت، تم ترشيحه بتوصية من أحد أساتذته بالجامعة (وهو من مستشاري الأمم المتحدة) للعمل ضابطا بالإدارة القانونية بالأمم المتحدة ليصبح بذلك أول إفريقي، بل الوحيد حينها، الذي ألحق بهذا القسم. كانت أولى مهامه معالجة قانونية لأزمة الكونغو. ثم تم إختياره، فيما بعد، للعمل بممثلية الأمم المتحدة بالجزائر. بجانب العمل الدبلوماسي، أعطت الأيام الأولى لإستغلال الجزائر فرصة لدكتور منصور لصقل قدراته الصدئة في الفرنسية قبل أن يغادرها، بوقت قصير، بعيد واقعة إطاحة الرئيس هواري بومدين لحكومة الرئيس بن بيلا. وللحقيقة، كانت فترة إقامته بالجزائر ذات خصوصية، بل كانت من أكثر سنوات حياته عائدا، لا سيما لما كان لها من فضل في تمكنه من خلق علاقات صداقة أكثر قربا وديمومة منها صداقته مع وزير الخارجية عبدالعزيز بوتفليقة (الرئيس الجزائري 

لحالي)، ثم مع دبلوماسيين جزائريين عريقين أمثال محمد سحنون و الأخضر الإبراهيمي (مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة بأفغانساتان). عاد منصور لباريس لمواصلة أطروحته للدكتوراة وإلتقي عددا من المثقفين العرب ما مكنه من إحياء صداقات قديمة وخلق أخرى جديدة من بينها علاقة مميزة مع لُطفي الخولي (الأمين العام لجامعة الدول العربية، سابقا) والدكتور عصمت عبد المجيد، و د. أحمد بهاء الدين. أيضا، تم إلحاقه بمنظمة اليونسكو بنفس الوقت الذي كان يعمل  فيه لأكمال العمل بالدكتوراة. غادر فرنسا للولايات المتحدة، بعد حصوله علي الدكتوراة من جامعة باريس، بعد أن قبل وظيفة بجامعة كولورادو للعمل أستاذا للقانون الدولي، وكذلك دعوة للتدريس بدورة في قانون المؤسسات الدولية. عاد مرة أخرى لباريس لمواصلة عمله باليونسكو وإلتقى الدكتور مصطفي كمال طُُلبة، وزير البحث العلمي بمصر و هو عضو بمجلس إدارة منظمة اليونسكو، والذي تعرف إليه ونشأت بينهما صداقة إستمرت لفترة من الوقت. خلال تلك الفترة وعلى أيام أيام الصراع الحزبي المتقد و تفاعل قضية الحزب الشيوعي السوداني بالبرلمان، نشر د. منصور مقالات بصحيفة الأيام (يناير 1969م) متنبئا فيها بزوال الحكم الديموقراطي نتيجة المشاحنات الحزبية والعداء الطائفي وعدم إحترام الأحزاب لمبدئي الديموقراطية واستقلالية القضاء (والذي تمثل في واقعة طرد الحزب الشيوعي الشهيرة من البرلمان وتنفيذ ذلك بتعديل الدستور)، إضافة إلى تحقير القضاء الذي حكم بعدم دستورية تلك الأفعال، وإستقالة رئيس القضاء وقتها، السيد بابكر عوض الله، تبعا لذلك. أعقب ذلك مباشرة إطاحة الرئيس جعفر نميري للحكم القائم وإعلان بزوغ ثورة مايو الإشتراكية وتهيئة أجواء مناسبة لذلك للدكتور منصور للعودة للسودان، ثم قبول الدعوة للإنخراط في الحكومة الجديدة في العام 1969م متخيرا أن يكون وزيرا للشباب والرياضة والشئون الإجتماعية. ويسجل التاريخ أن قطاعات الشباب قد شهدت إبان وجوده على قمة الوزارة نهضة كبرى تمثلت في تفعيل الشباب في الخدمة الطّوعية (صيانة الطرق وبناء المشافي والمدارس الخ ..)، وفي إنشاء مراكز الشباب، مراكز التأهيل، ومحو الأمية. كما أنه قد أسهم في خلق علاقات قيمة وناجحة مع هيئة اليونسكو، ومنظمة العمل الدولية، وكذا مع حكومات مصر، الجزائر، و كوريا الشمالية).  إضافة إلى

لقوانين سبتمبر (الجدلية) والتي مهدت، لاحقا، لإنتفاضة أبريل الشعبية الشهيرة عام 1985م و من ثم إنهيار النظام كليا تبعا لذلك ما قاد منصور لأن يدرك بأن طاقته وطموحه لن يستقيم لهما شأن ما لم يغادر موقعَه بعيدا عن دوائر الحكم والسُلطة والجبروت. ويرى كثيرون أن مشاركة الدكتور منصور بالنظام المايوي كدبلوماسي وكاتب وسياسي ومفكر سوداني (مثير للجدل) وبحجم خطورة مناصبه المحلية والعالمية التي تقلّدها كانت "تجربة قصيرة غير موفقة في الالعمل تحت سقف نظام حاكم مهترىء"(2). لم يكف منصور عن مقارعة الأنظمة المتعاقبة ونقد السياسة السودانية ونفقها المظلم، فألف عددا من الكتب والمقالات حول تلك السياسة - باللغتين العربية والانجليزية - نُشرت بالصحافة المحلية والدولية إبتدرها بمقالاته المثيرة للجدل (حوار مع الصفوة) بصحيفة الأيام. بنفس الوقت، نشر العديد من المقالات والتحقيقات في الحوليات الدولية عن قضايا التنمية والسياسة في العالم الثالث. واقع الحال أن د. منصور، بعلمه "الموسوعي وثقافته الواسعة وعلااقاته الكونية، قد أثرى المكتبة السودانية بعدة مؤلفات يمكن أن تؤسس لنمَط الكتابة ذات المعلومات المكثفة والتدوين الجيد للأحداث و الوقائع واللغة الجزلة القوية ذات العبارة الواضحة الرشيقة، بغض النظر عن  إختلاف الناس أو إشتجارهم حول مضمون هذه الكتابات" كما جاء بمقال للكاتب محمد الشيخ حسين بمقال تعرض فيه لسيرة الدكتور الذاتية بالشبكة العنكبوتية. "إشتهر منصور بسلامة اللغة و جمال البلاغة و سعة التخيل و دقة التحليل، وسخر كل ذلك بتكريس معطم عمره، تقريبا، لأجل إعلاء قيم العدالة وإستبانة ورصد مواطن الفساد و الإفساد بالدولة. وقد إستطاع، بفضل أمانته الأدبية وحسه التوثيقي، أن يدون لجزء مقدر من تاريخ الدولة السياسي خلال الحقب المتتالية في عدد من الإصدارات من بينها كتابه المرسوم الآخر (السودان و النفق المظلم). وقد أوغل منصور في مجالات التأليف حتى كتب في القضايا الفلسفية الدينية (أو السياسة الإجتماعية). كما لم يمنعه كل ذلك من الإلتفات أكثر لمراجعة و تحقيق بعض المخطوطات الأسرية ومنها تحقيقة لمخطوطة ”السيرة الماجدية“ التي جمعها في كتاب من أجزاء ثلاث (الثلاثية الماجدية) قرظه البروفسور الدكتور عون الشريف قاسم، والذي يذخر بمجموعة إفادات وشهادات عن تاريخ الأسرة مذ إنتقالها من شمال 

شمال السودان إلى وسطه بسنار و متعرضا، أيضا، لسيرة ومناقب جده (لأبيه) الفقيه العالم الشيخ محمد عبدالماجد (ود عبدالماجد) حامد وإبنه الفقيه العالم الشيخ عبدالعزيز "الدباغ" محمد عبدالماجد و كذا لجده (لأُمه) الأديب العالم الفقيه الشيخ أحمد الصاوي عبدالماجد حامد. وتزخر تلك السيرة بأجزاء من أشعار الشيخ اأحمد لصاوي في النبويات و الاجتماعيات نشرت للمرة الأولى عام 1351هـ بمطبعة النهضة. يحوي الديوان "أهم ما جادت به قريحة الشيخ الصاوي من شعر رصين شبيه، من حيث البناء، بالمدائح النبوية لجهة التدفق و الغِنائية وحماسة

ليست هناك تعليقات:

مشاركة مميزة

في قعر ركوبة ست الشاي

 في قعر راكوبة ست الشاي جمبت ستنا                             مآآآآآآآ حارتنا  و بِنريدآآآآآآآ    !!!!!!! لبعض الأوباش في حارتنا وحدتنا الذي...

Post