[3]
ولد أحمد سليمان محمد أحمد الذي اشتهر طول عمره باسم احمد سليمان المحامي بأم درمان في الرابع عشر من يناير عام 1924.و امتدت رحلته حتى 31 مارس 2009 ليستقر في مثواه الأخير في ام درمان أيضا. منها و إليها. رحلة ملئها تاريخ و نضال و تحولات و شموخ. و شخصية واحدة لم تتغير. كان أحمد سليمان دوما هو أحمد سليمان.
لم يتغير و لم يتبدل.ببشاشته و نكتته و ثقافته و روحه الحلوة التي تأسر الكل.
عاش ليثبت أن قيمة الانسان هي نفسه لا الجانب الذي ينتمي إليه.
و قد فعل.
باب بيته لا تطرقه لتفتح لك خادمة. فإما يفتح لك أحد أهل البيت كشأن كرام أولاد البلد أو تجد الباب فاتحا فتدخل بنفسك لتجد أحمد سليمان صديق عبد الناصر الشخصي و الرجل المقرب للاتحاد السوفيتي السابق و الوزير و السفير و أحد أخطر رجال السودان جالسا على أرجوحة يسبح و جواره المصحف و جهاز الراديو و كتاب منتقى غالبا ما يكون باللغة الانجليزية.
[4]
أحمد ود سليمان ود محمد احمد.
أحمد ود صفية بت الريح ود حامد.
الامدرماني الصميم.
ينتمي نسبه الى المحس و الشيخ أرباب العقائد.
والده رجل تقي ديّن يحكى عنه الصلاح و حسن الصيت. و جده الريح ود حامد أحد رجالات المهدية و متعلميها و أمين بيت مالها ببربر.
في رسالته الى الخليفة عبد الله التعايشي بتاريخ 25/8/1888 كتب الأمير عبد الرحمن النجومي و هو يتقدم الى مصرعه في توشكي :
" و جزا الله الأحباب محمد أحمد البدري و الريح حامد خير فإنهم حاضرون على ذلك كله و باذلون جهدهم في تنفير المذكورين معنا و غير ذلك من أوجه المساعدة كما وجدناهم على ذلك من قبل ".
أما الشيخ بابكر بدري فكتب في تاريخ حياته (1/256-257) عن الريح ود حامد و أمانته في طلب العشور و شدته في الحق. و لقبه بـ " عمي الريح حامد ".
أتراه من أجداده ورث أحمد سليمان ما اتصف به من إيمان و شدة في معتقده ؟
[5]
ولج أحمد سليمان بوابة السياسة من بابها اليسار. في مصر على يد هنري كورييل تلقى رسالة الماركسية و تشربها.
و عن هنري كورييل آمن بمقولة لينين أن السلطة تقرر واقع الحال و أن كل شئ يخضع لحكمها و هي التي تجعل المستحيل أمرا ممكنا و قدرا معلوما.
و هو الإيمان الذي استمر معه حتى فجر الخلاف مع رفيق دربه عبد الخالق محجوب حول السلطة التي يحق لها أن تقرر هذا الواقع.
فكتب أحمد سليمان في ديسمبر من العام 1968 أن القوات المسلحة هي أمل الإنقاذ الوحيد للسودان من الحال الذي وصل إليه. و رد عليه عبد الخالق محجوب معترضا.
و كان عبد الخالق قبلها في كتابه "المدارس الاشتراكية في إفريقيا" قد قال أنه من الممكن بناء الاشتراكية في بعض البلدان دون حزب شيوعي و أيد الناصرية و الطريق غير الرأسمالي لعبد الناصر في مصر . و كان ناصر قد دعا الشيوعيين للانخراط في صفوف الثورة بدون جسم الحزب الشيوعي المصري و أيد عبد الخالق هذه الخطوة. و هو ذات ما طالب به نميري بعد ذلك في نوفمبر عام 1969 فرفضه عبد الخالق محجوب و وصف نميري بالبرجوازي الصغير. فتفجر الخلاف مرة أخرى مع رفيق الدرب أحمد سليمان حين كتب متسائلا عما يجعل عبد الناصر ديموقراطيا ثوريا و نميري برجوازيا صغيرا. و سأل أحمد سليمان المؤمن بدور السلطة في بناء الاشتراكية كيف يمكن تحقيق الاشتراكية في مصر دون حزب شيوعي بينما يشترط ذلك في السودان و هو أقل تطورا.
عام 1970 كانت النهاية بين صاحبي الزمن القديم عبد الخالق و أحمد و اتجه أحمد سليمان و فاروق أبو عيسى و معاوية سورج الى مركب الرئيس نميري و السلطة التي تحقق الاشتراكية و تمترس عبد الخالق محجوب بالحزب و سارت الأحداث في الاتجاه الحزين الذي انتهى بعبد الخالق و الشفيع الى المشنقة و نقد الى تحت الأرض.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق