السبت، 5 فبراير 2022

أبو أمنة حامد

 أبو آمنة حامد ..

 لا لتعذيب الجميلات بالبمبان

       ولد المرحوم النقيب شرطة آبو آمنة حامد في مدينة هيا بشرق السودان في يناير 1941م ، وكان راعياً للغنم في فترة صباه الأولي ، واسمه الحقيقي هو علي حامد علي إيلا آدم .. درس الثانوي بمدرسة الخرطوم ، ووادي سيدنا وفي 1956م فصل من ثانوية وادي سيدنا ، لأنه قادة مظاهرة بالملاعق احتجاجاً علي الطعام الذي تقدمه إدارة المدرسة ، وعلي الفور أتي جده الذي كان أنصارياً من بورتسودان ، وأخذه إلي رئيس الوزراء عبد الله خليل الذي رفض مسألة إرجاعه للمدرسة المفصول منها احتراماً لقيم التربية ، وألحقه بمدرسة الخرطوم الثانويه ، ولظروفه المادية كان رئيس الوزراء يحمله معه في العربة لتوصله إلي المدرسة ، ومن ثم تعيده العربة للمنزل بأمدرمان حتى أكمل الثانوي . التحق بعدها بكلية البوليس في 15/8/ 1960م ، وتخرج في يوليو 1962م برتبة الملازم شرطة ، النقيب شرطة آبو آمنة حامد من أبناء الدفعة (21) من ضباط البوليس ، التي كان أولها الفريق أول عثمان الشفيع محمد مدير عام قوات الشرطة الأسبق ، ومن دفعته الفريق شرطة دكتور عباس أبو شامة وزير الداخلية الأسبق ، والمرحوم الفريق شرطة عبدالله بلة الحاردلو سفير السودان بالهند أوائل التسعينات ، والمرحوم الفريق شرطة عوض سلاطين دارفور ، والفريق أول محمد الحسن يوسف مدير المباحث المركزية الأسبق ، وتدربوا جميعاً علي يد معلم الأجيال الشرطية المرحوم الحكمدار تاج السر الباترا . عمل بودمدني وعاش بها عامين كضابط شرطة ،عطر أجواءها بالشعر والأدب . حضر فيها ثورة اكتوبر الشعبية 1964م , كان يأمر البوليس بأن لا يسرف في استخدام القوة والعنف ضد المتظاهرين ، وفي إحدى المرات تم تعيينه قائداً لفصيلة لتفريق المظاهرات . وتم أعطاؤه تعليمات لتفريق مظاهرة بمدينة ودمدني ، فما لبث أن وجد نفسه وسط الطالبات الجميلات ، يهتف مع المتظاهرين بالزي العسكري .. تسقط .. تسقط حكومة ال ....!! عندما سئل عن سبب عدم قمعه للمتظاهرين !! قال : رفضت قمع المظاهرات ، وضرب البنات الجميلات بالبمبان ، مضيفاً ومتسائلاً كيف لي أن أعذِب تلك العيون بمسيل الدموع !؟ .  لم يستمر بسلك الشرطة طويلاً فاستقال وهو برتبة النقيب شرطة ، وعاد للخرطوم ليعمل كاتباً صحفياً في الصحافة ، ثم معلماً في دنقلا وبربر الثانوية لمدة سنتين ، ومن تلاميذه البرفيسور أحمد علي قنيف وزير الزراعة الأسبق ، ولما سئل لماذا ترك الشرطة قال أنها ما نافعة معاي ولذا قدمت استقالتي .

سافر سيادته للقاهرة لدراسة الإعلام بجامعة القاهرة ، وبعد حصوله علي البكالاريوس عمل بوزارة الخارجية ملحقاً ثقافياً بسفارة السودان بالقاهرة ، من العام 1974م وحتي العام 1979م . يقول أبو آمنة حامد وهو رجل ساخر بطبعه : أنه كان راعياً لغنم الحلة في هيا، والآن يرعى غنم ابليس في الخرطوم - في اشارة لنظمه شعر الغزل - ، ولهذا لم أصلح ضابطاً في الشرطة ، ولا قنصلاً إعلامياً ، ولا إنساناً يصلح للقرن الحادي والعشرين !! . عندما سئل عن القصيدة ناقص الفكرة قال : إنها تساوي " إسهال حروفي مزمن " ، وعندما سئل عن رصيده في البنك رد قائلاً (( والله بنك الدم ذاتو ما يلقي فينا قزازة .. أنا اسمي أبو آمنة ما أبو العلا ، أنا مفلس بس )) ، ولما سئل عن حكومة الانقاذ وهي في مراحل التمكين الأولي ، قال بدبلوماسية ساخرة مطلوبة وقتها (( هؤلاء الباشبوذق بقيادة اللواء أ.ح حسن عبد الله الترابي أفسدوا علينا منظر الكباري بالدبابات )) . عاش حياته فقيراً معدماً ، ولم يطرق أبواب الوزراء وأهل المال أبداً ، فقد كان الشاعر ، الشرطي ، الاعلامي ، الصحافي ، المعلم آبو آمنة حامد قومياً في توجهاته ، ولم يكن عنصرياً بالرغم من اعتزازه وفخره المستمر بمجتمعه البجاوي . كان معجباً بالرئيس المصري المرحوم جمال عبد الناصر ، والذي من فرط اعجابه به سمي ابنه ( جمال عبد الناصر حسين آبو آمنة ) وقد بادله الرئيس عبدالناصر اعجاباً باعجاب ، بعد أن استمع إلى قصيدة ألفها عن بطولات عبدالناصر، كما كان هلالياً يعشق فريق الهلال ، ويكتب عنه كثيراً عبر الصحف بمساجلات تاريخية محفوظة بينه ، وبين كتاب فريق المريخ أمثال حاج حسن عثمان ، ومحمد عثمان دلدوم ، وضابط الشرطة بدرالدين أبورفاس .  

في مجال الأدب فقد كان من المؤسسين لرابطة أدباء بحري ، في ستينيات القرن الماضي ، بجانب عوض مالك ، وعثمان عبد السيد ، وسيد احمد الحردلو، والفاتح التيجاني ، والسر دوليب .

بحكم أنه من المحسوبين على القوميين العرب ، خاصة القاضي بابكر عوض الله رئيس وزراء حكومة مايو 1969م ، والرائد مامون عوض أبوزيد عضو مجلس ثورة مايو ، فقد عينته حكومة نميري ملحقاً ثقافياً بالقاهرة ، وكان منزله بقاردن سيتي تجمعاً أسبوعياً للكتاب والأدباء المصريين ، أمثال عبد الرحمن الأبنودي ، وأمل دنقل وصلاح جاهين . عاد للسودان بعد استلام الدكتور منصور خالد لوزارة الخارجية ، والذي قام بفصله من الخدمة لعدم استلطافه له ، بالرغم من أنهما كانا يسكنان معاً بمنزل رئيس الوزراء وقتها الأميرالاي عبد الله خليل ، وقيل أن سبب فصله يرجع إلى أنه كان يأتي صباحاً للعمل بوزارة الخارجيه ، علي متن بوكس كاشف مع الركاب ، ويجلس علي التنده الخلفية ، وهويرتدي زي وزارة الخارجية المميز ، وأن السيد الوزير ضبطه وهو " يتونس " ويشرب الشاي مع العامة خارج الوزارة !!

كان رجلاً جريئاً وصاحب نكتة ، يروي أنه كان برفقة آخرين متجهين للمقابر لدفن صديق لهم ، توفي لرحمة مولاه ، وعند مرورهم بجوار دكان ، سألهم صاحب الدكان : يا أخوانا جاكم خبر والله شنو؟ فرد عليه بسرعه : نعم جانا خبر وماشين ندفن البرقية !!. 

غني له المرحوم الفنان صلاح بن البادية أغنيتي ( سال من شعرها الذهب) و (وشوشني العبير) ثم الفنان محمد الأمين (رجع البلد) والمرحوم الفنان سيد خليفة (جاري وأنا جارو) والمرحوم الفنان محمد وردي (بنحب من بلدنا) و المرحوم أحمد الجابري ( ما نسيناك ) والأستاذ عبدالكريم الكابلي (جمال العرب)والمرحوم صالح الضي أغنية (نحن ما ناسك) .

ترك وراءه من الأبناء ظافر، ومنصف ، وأيمن ، وجمال عبدالناصر ، الذي كان يعمل بالشرطة ، وتوفي ابناه جمال وأيمن من بعده ، ومن بناته سحر ونسرين وسارة ، وتوفيت زوجته فاطمة التي كانت تدعى باسم ( سال من شعرها الذهب ) بعد شهرين من رحيله في 2006م ، صدر له ديوانا شعر هما ( شعرها الذهب ) و ( ناصريون .. نعم ) . ألا رحم الله المبدع الشرطي والدبلوماسي المثقف النقيب شرطة "م " أبوآمنة حامد ، الذي كان يخشى على عيون " كنداكات ثورة " 1964م من عذاب البمبان ويساعدهن بالهتافات " تسقط .. تسقط .. حكومة ال .... رغم أنه كان قائد قوة فض المظاهرات !! ، فهل كان بامكانه فعل نفس الشئ الآن ، لو اسعفه العمر والمهنة وحضر ثورة ديسمبر 2018م في وجود " كنداكات " موديل2019م !!؟ بالتأكيد !!.

ليست هناك تعليقات:

مشاركة مميزة

في قعر ركوبة ست الشاي

 في قعر راكوبة ست الشاي جمبت ستنا                             مآآآآآآآ حارتنا  و بِنريدآآآآآآآ    !!!!!!! لبعض الأوباش في حارتنا وحدتنا الذي...

Post