الخميس، 28 أبريل 2022

صحيفة اليوم التالي

 صحيفة اليوم التالي

(زنقة .... زنقة)

بقلم : زين العابدين الحجّاز

كلمة " زنقة " التي اشتهرت على لسان معمّر القذافي تعني الشارع الصغير أو الضيق و هو أصغر من الزقاق و تعرف بذلك في دول شمال أفريقيا و باقي الدول العربية  و (زنقة الستات) زقاق مشهور في الإسكندرية. الروايات : خان الخليلى - زقاق المدق - بين القصرين - قصر الشوق - السكرية - أولاد حارتنا - الحرافيش - حكاية حارتنا ... كلها تشير الى حواري و أزقة و زنقات فى حي الحسين بالقاهرة الذي استوحى منه الكاتب نجيب محفوظ فكرة الحارة و استخدمها كرمز للمجتمع المصري . كلمة  زنقة في لغة الفلاتة الهوسا تعني حي سكني أو حارة و تكتب و تنطق (زنقو) و زنقو الفلاتة تعني حارة الفلاتة التي تحوّلت عندنا الى عشش فلاتة التي كانت في السابق تحتل الموقع الحالي لحي الزهور فتّحت في جنوب الخرطوم وتمّ ترحيلها إلى جنوب الديوم الشرقية   !!!.

بمناسبة هذه " الزنقة " تداعت الى ذاكرتي بعض من الزنقات التي مررت بها في الماضي . في عام 1981 بينما كنت أتمشى  صباحا في أحد الشوارع الضيقة  في العاصمة الهولندية أمستردام سمعت رجلا يصيح بصوت عال  أمام محله باللغة الانجليزية : ( التصوير مجاني .. التصوير مجاني) . قلت دي ما بفوتا فدخلت الاستديو و فعلا الراجل صورني و طلعت صورة جميلة جدا و كبيرة . شكرته و شلت الصورة و عايز أمشي قام قال لي أدفع 20 دولار حق الصورة . استغربت و قلت ليهو انت ما قلت التصوير مجانا فكان رده) : ايوا انا قلت التصوير مجانا لكن ما قلت الصورة مجانا) !! . شعرت بالحيلة و " الزنقة " و نظرت الى صورتي الجميلة و صعب علي أن أتركها فدفعت له 20 دولار و خرجت و كأني أسمعه و هو يردد : (صورتك الخايف عليها ونحن ماخايف علينا .. هاك بي تذكارها شيلها وشيل معاها الفي عينينا .. امشي شوفا و بكرة  حترجع تاني لينا ).  مشيت و أنا أهمهم :  (توعدنا و تبخل بالصورة  ..  دي غنوتنا و بهجتنا و مسا عيونا المبهورة ..  ما نحن بطبعنا ناس طيبين زنقاتك عندنا مغفورة) ! . في نفس اليوم  وأنا أتجول ليلا في شارع رئيسي  ضلّت قدماي الطريق و وجدت نفسي و أنا أسير في أحد الأزقة المظلمة و الخالية تماما من البشر . نظرت خلفي و لمحت شابين من ذوي البشرة السمراء و هما يقتربان مني و يحمل كل منهما سكينا في يده . تحوقلت و تشهدت ثم تحسست جيبي و بداخله محفظتي و بها حوالي مئتي دولار وخلعت ساعتي الجوفيال و ادخلتها في جيبي استعدادا للمعركة القادمة . أصبح الشابان على بعد اربعة أمتار من خلفي و في تلك اللحظات ظهرت أمامي مجموعة مكونة من أربعة رجال قادمون من زقاق فرعي و هم يتحدثون فيما بينهم باللهجة المصرية بصوت عال . أسرعت بالخطى نحوهم و نظرت خلفي فوجدت الشابين قد توقفا عن ملاحقتي . أقحمت نفسي في مجموعة المصريين و تعرّفت عليهم و كان من بينهم الممثل المشهور حسن مصطفى و مخرج أفلام نسيت اسمه و سرت بصحبتهم حتى وصلت الى الشارع الرئيسي . عندها حمدت الله على نجاتي من تلك " الزنقة " بارسال أولئك الرجال ذوي البشرة البيضاء لانقاذي من  أولئك الشبان ذوي البشرة السمراء .

العميد يس شرف الدين كان القائد لمدرسة المدرعات وكان له دور بارز مع ضباط آخرين فى الضغط على  قائد المنطقة للاجتماع بقادة المناطق  وأعلان إنحياز القوات المسلحة الى جانب الشعب في انتفاضة  السادس من إبريل . في صباح يوم جمعة أواخر العام 67 كنت جالسا في الشارع بالقرب من منزلنا في مدينة الثورة الحارة الثانية شارع النص فوقفت الى جانبي عربة هيلمان يقودها سائق سوداني بصحبته آخر بدى لي من سحنته أنه مصري . سألني السائق أن أدلهم على منزل النقيب يس شرف الدين فأشرت الى منزله في الحارة الأولى الذى يبعد بضعة أمتار عن منزلنا . بعد ثلاثة أيام قابلت الأخ يس و ذكرت له موضوع تلك العربة فقال لي ( ايوا ده ضابط ليبي ظريف اسمه معمر القذافي قابلته قبل شهور في بريطانيا في دورة عسكرية تدريبية وتعرفت عليه .. هسه اول مرة يجي السودان وقال لازم يزورني في البيت ) . بعد حوالي سنتين من تلك الواقعة قام ذلك الضابط الليبي الظريف بانقلاب عسكري وأصبح حاكما لليبيا لأكثر من أربعين عاما انتهت بموته في " زنقة " بمدينة (سرت) الليبية . رحمه الله .

ليست هناك تعليقات:

مشاركة مميزة

في قعر ركوبة ست الشاي

 في قعر راكوبة ست الشاي جمبت ستنا                             مآآآآآآآ حارتنا  و بِنريدآآآآآآآ    !!!!!!! لبعض الأوباش في حارتنا وحدتنا الذي...

Post