الأحد، 26 أبريل 2020

الفاضل أحمد المحامي

بسم الله الرحمن الرحيم
الاهلية القانونية لقوي اعلان الحرية .
بقلم الأستاذ الفاضل احمد المهدي المحامي
الأشخاص في القانون نوعين ، الشخص الطبيعي والشخص المعنوي أو الاعتباري ، الشخص المعنوي نوعان ، أشخاص القانون العام من الدولة والولايات والهيئات العامة والمؤسسات الحكومية ، وأشخاص القانون الخاص من المؤسسات والشركات وسائر هيئات القطاع الخاص، وكما هو معلوم فقأ وقضاء بان لأي شخص اعتباري أهلية وذمة مالية وخاتم وحق تقاضي أو أن يقاضي، كل ذلك في حدود سند إنشاءه، وسند الإنشاء إما القانون أو اللوائح الداخلية أو القرار المنشئ أو التعاقد ،  وعليه فإن الدولة والولاية والهيئة والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني المسجلة كلها أشخاص حكومة من أشخاص القانون العام تتمتع بحقوق وتلتزم بواجبات في حدود سند إنشائها.
بتطبيق هذه المفاهيم على شريكي الحكم خلال الفترة الانتقالية وهما قوي إعلان الحرية والتغيير من جهة والمجلس العسكري الانتقالي ، نجد أن الوثيقة الدستورية قد رأت النور  باتفاقهما وبالتالي الدستور اعترف بوجود الاثنين وفرض لهما حقوقا والتزامات محددة كأعلى جهتين أو سلطتين أو شخصين في هرم الدولة مناط بهم تشكيل أجهزة الدولة . 
ولمعرفة ماهية حقوق والتزامات ومقدار أهلية هذين الشخصين ومداهما الزمني مع التركيز على قوى إعلان الحرية والتغيير نستعرض نصوص الوثيقة الدستورية.

مهام قوي إعلان الحرية والتغيير بحسب الوثيقة الدستورية: 
بقراءة متأنية لنصوص الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية يتبين أن صلاحيات قوي إعلان الحرية والتغيير محصورة في النقاط التالية :
(1) اختيار ستة أعضاء لتولي عضوية مجلس السيادة خمس بالانفراد وواحد بالتوافق مع المكون العسكري.
(2) اختيار رئيس مجلس الوزراء.
(3) اختيار الوزراء عدا الدفاع والداخلية.
(4) اختيار 67% من أعضاء المجلس التشريعي.
(5)  وضع برنامج حكومي لتنفيذ مهام الفترة الانتقالية المحددة في الوثيقة.
(6) التوافق مع المكون العسكري حول إعفاء رئيس الوزراء من شرط الجنسية الثانية.
(7) التوافق مع المكون العسكري حول تسمية 33% من عضوية المجلس التشريعي من غير الموقعين على إعلان الحرية والتغيير.
(8) اختيار رئيس للوزراء في حالة الوفاة أو العجز. وعضو البرلمان في حالة خلو مقعده.
هذه هي باختصار غير مخل مهام واختصاصات قوي إعلان الحرية والتغيير بحسب الوثيقة الدستورية التي تمثل دستورا للبلاد.
بالتمعن فيها أجدني غير متفق مع القول بان قوي إعلان الحرية والتغيير هي تنظيم حاكم أو حاضنة أو مرجعية سياسية لكل الحكومة،  لان ذلك ينطبق على العلاقة بين الحرية والتغيير والجهات التي عينتها من رئيس وزراء ووزراء وأعضاء مجلس السيادة،قبل تسميتهم. 
وبحسب الوثيقة هؤلاء  غير مقيدين بعد تنصيبهم وأدائهم القسم بموجهات الحرية والتغيير، اللهم إلا فيما يتعلق أتباع برنامج تنفيذ مهام الفترة الانتقالية المذكورة على سبيل الحصر في الوثيقة الدستورية في ثلاثة عشر بنداً.
حتي تعيين رئيس وزراء خلف لحمدوك (بعد تشكيل المجلس التشريعي). وتعيين الولاة وقادة الخدمة المدنية واللجان والمفوضيات يتم تشكيلها بالتوافق أو الانفراد  بين مجلس الوزراء والمجلس السيادة. حيث يتولى المجلسين مهام المجلس التشريعي إلى حين تشكيله.

إذن طبيعة العلاقة بين الجانب المدني في هياكل السلطة الانتقالية الثلاث وقوي إعلان الحرية والتغيير غير محددة والولاء غير ملزم دستورياً.
لذلك الحل لتقنين هذه العلاقة يتوقف على تشكيلة المجلس التشريعي وقدرته على تمرير القرارات الخاصة بالثقة منحاً وسحباً. عند ممارسته لسلطة مراقبة أداء مجلس الوزراء.فمن يملك 67% أو ثلثي الأصوات يستطيع التحكم والهيمنة على مجلس الوزراء فقط. وليس كل الحكومة. حيث لا سلطة للمجلس التشريعي بحسب الوثيقة على مجلس السيادة، إلا بخصوص تعيين خلف لعضو مجلس السيادة المدني حال خلو منصبه، وليس من بين أسباب خلو المنصب سحب الثقة.
وتجدر الملاحظة بأن تعيين الولاة الذي يقف خلف الأزمة الحالية بين مكونات الحرية والتغيير بالأساس وحسب الدستور من صلاحيات رئيس الوزراء ويعتمدهم مجلس السيادة، وبالتالي التزام رئيس الوزراء بتوصيات ق ح ت بشان تسميتهم غير ملزم وللسيد رئيس الوزراء مطلق الحرية بحسب الدستور في تسمية من يشاء والياً في كل ولاية.

الوثيقة الدستورية حددت بنود الشراكة بين الحرية والتغيير والمجلس العسكري الانتقالي. ولكنها لم تبين كيف يدار عمل الشريكين وكيف يتخذوا قراراتهم وما مدي شرعيتها ومن هي الجهة التي تفصل في النزاع حول هذا الأمر كلها غير موضحة في الوثيقة ، حيث لا تختص المحكمة الدستورية بفض النزاع الذي قد ينشا بين مكونات إعلان الحرية والتغيير ، كما لا تختص المحكمة الدستورية بفض النزاع الذي قد ينشا بين مكونات المجلس العسكري الانتقالي أو المكون العسكري ولا أي محكمة أخري.
وبطبيعة الحال لا يمكن استدعاء أحكام قان الأحزاب لفض النزاع بين مكونات قوي إعلان الحرية والتغيير. وبالتالي هذه إشكالية حقيقية تجعلنا أمام فراغ دستوري وقانوني يتمثل في عدم وجود آليات لفض النزاع الذي قد يطرأ داخل إطار هياكل عمل شريكي الحكم.
لاسيما وان وثائق الحرية والتغيير قد خلت من آليات فض النزاعات ، فلا يوجد نص على التحكيم مثلاً أو لجنة مستقلة شبه قضائية يلجا لها، وكذلك الأمر بالنسبة للمكون العسكري حيث لا تنظم القوانين العسكرية سبل فض أي نزاع حول قضية الحكم.

تجميد عمل حزب الأمة في هياكل الحرية والتغيير تحت المجهر بروح قانونية:
يتكون المجلس المركزي لقوي إعلان الحرية والتغيير من 24 أو 23 عضو يمثلون الكتل التالية 5 لكل واحدة :  تجمع المهنيين والإجماع الوطني ونداء السودان.
والتجمع الاتحادي . وتجمع القوى المدنية ، ثلاث أعضاء لكل ، وتيار الوسط عضو واحد، والحزب الجمهوري عضو واحد.
ويلاحظ أن الحزب الوحيد الممثل كحزب في المجلس المركزي اعلي سلطة ومرجعية للحرية والتغيير هو الحزب الجمهوري. بالتالي موضوع تجميد نشاط حزب الأمة القومي في هياكل الحرية والتغيير يوثر على تمثيل كتلة نداء السودان في المجلس المركزي حيث ان 2 من خمسة أعضاء هم من حزب الأمة القومي ، وحجم التاثير يشكل حوالي 8%  بحساب النسبة المئوية من عدد أعضاء المجلس المركزي. كما يؤثر على تمثيل نداء السودان في اللجان المتخصصة مثل اللجنة القانونية ، وتلك اللجان المنبثقة من مصفوفة مهام المرحلة الانتقالية العاجلة المجازة من قبل الاجتماع الثلاثي المشترك ، والتي يشارك فيها عناصر تابعة وملتزمة بقرارات حزب الأمة القومي، وبقدر عددهم. ويبقي هذا القرار من الناحية القانونية بمثابة وكيل أو مفوض عن جهة بعينها تراخي أو امتنع عن مباشرة مهام موكلة إليه بدون أن يرجع لصاحب الحق وهو الكتلة التي انتدبته "نداء السودان" ،وبالتالي هو تصرف وكيل بحكم القانون لا يضاف لحزب الأمة وإنما يضاف للأصيل وهو تكتل نداء السودان.
 والإجراء الصحيح الذي كان يجب أن يتبع هو إخطار نداء السودان بتجميد الحزب لنشاطه في هياكل الحرية والتغيير ، وإعطائه مهلة حتي لا يضار بهذا القرار ، ويطلب من نداء السودان انتداب آخرين ليحلوا محل أعضاء حزب الأمة الممثلين له في تلك الهياكل.

نخلص إلى القول بان الحرية والتغيير هي عبارة عن تحالف كتل متحالفة تضم تنظيمات مختلفة سياسية ومدنية وعسكرية ومطلبيه تتمتع بعض مكوناتها بالشخصية الاعتبارية القانونية التي تكفل لها الحقوق وتوجب عليها الالتزامات ، وبطبيعتها تعتبر تكوين مؤقت مهامه محددة في الوثيقة الدستورية ، ينقضي وجودها القانوني باكتمال انجاز تلك المهام ، ولا يكون لها وجود بعد ذلك إلا بالقدر اللازم لإنفاذ ما تختص به بحسب سند وجودها وهو الوثيقة الدستورية، وبالتالي متى ما أنجزت الحرية والتغير تشكيل أجهزة السلطة الانتقالية انقضي اجلها ووجودها القانون وحلت محلها بحكم الوثيقة الدستورية أجهزة الحكم من مجلس السيادة ومجلس الوزراء والمجلس التشريعي. 
يتضح مما تقدم إن ما تبقي من صلاحيات للحرية والتغيير بحسب الوثيقة يسير ، ولا يستحق الصراع الموجود بين الكتل والمكونات ، والأفضل بدل الدخول في تعقيدات قانونية لا حل لها الجلوس عاجلاً والتوافق بروح وطنية مجردة تراعي الظروف التي تمر بها البلاد والمعاناة التي قصمت ظهر المواطن. ويتم تشكيل المجلس التشريعي فورا بنسبة 67% ويترك بقية المقاعد إلى حين توقيع اتفاق السلام مع الحركات المسلحة ، وبذلك نكون قد تجاوزنا الاختلالات التي صاحبت وتصاحب التشكيل الاستثنائي للحرية والتغيير الذي فرضته ظروف الثورة.
التحية لأرواح الشهداء والفخر والإجلال لذويهم الشرفاء وصادق الدعاء بعودة المفقودين.

الفاضل احمد المهدي
المحامي / الخرطوم
25 ابريل 2020م

ليست هناك تعليقات:

مشاركة مميزة

في قعر ركوبة ست الشاي

 في قعر راكوبة ست الشاي جمبت ستنا                             مآآآآآآآ حارتنا  و بِنريدآآآآآآآ    !!!!!!! لبعض الأوباش في حارتنا وحدتنا الذي...

Post