في قعر راكوبة ست الشاي( جمبت ستنا ) الحلقة (39).
{نخلة الخندقاوية. }
إمرأة ولا دستة رجال.
نخلة باسقة ذات طلع نضيّد لاسرتها وأهل منطقتها .
ذات حكمة وقوة شكيمه، و رأي سديد ، ورباطة جاُش .
تشبه مجرى النيل الذي تفيض دموعه لمعانقة ضفتيه وتحتضن دمعه الغائر والمتمرد و المرتد لحضنها بكل تحنان وحب عجيب.!
توفى وحيدها ( وحيد ) في يوم عُرس و زواج اخيه لأبوه ابن ضرتها ( السٌرة ) الزوجه الكبرى لبعلهما.
لكنها تيقنت
واخمدت نار غيرة الضرات الوقاده التى كالافعى تنهش القلوب ، فأصبح فؤاد أم وحيد خاويا ً .
فبثت حزنها وشكواها لله.
ويأتى إليها بعلها للاطمئنان على سير ترتيبات الفرح ، لانها كانت الملاَذ الآمن لكل القرية ومستودع الحكمة وسديدة الراى في منعرج ضياع أثر الراى المنتهى فى قيف ( ضفة ) جب نهر الفراديس الخالد .
وامينة و خازنة لاسرار ومؤن وتموين مخزون الإعاشه والحصاد وتقاوى ومعاول المحاصيل الزراعية.
فترد إليه برباطة جاُشها المعتادة والثقة :
كل الامور تمام التمام الحمد لله يا الحاج .
ويردفها بسؤالين متتاليين متدثرين بسؤال وحيد :
وحيد ده انا ما شايفوا ؟ .وين مشى ؟ .
فترد : أرسلته يجيب لنا هلال الجرتق من بيت ناس خالتوا( الشول ) في الضفة الثانية من النهر.
فيؤمى الاب ايجاباْ بتحريك رأسه ثلاث مرات .
وينصرف الأب .
بينما جثمان وحيد مغطى في أحد غرف المخزن الذي تفوح منه روائح المحاصيل الزراعية من تمر و فول مصري و حناء وشمار وحرجل ...الخ
وغرف المخزن موصوله بمدخل إلى غرف دارها ، ودار ضرتها الكبرى ( السٌرة ) أم العريس .
إلى أن تم ليل دخلة الزواج والفرح ، وذهاب العروس وعروسته. في صباح اليوم الأول للضفة الثانية من النهر للعق العسل والقضاء على ماتبقى من شهره.
وبعد صلاة عصر اليوم الأول من الزواج سألها بعلها يا نخلة ، وحيد ده أنا ما شايفوا تماما ً لحدي الآن . لسه ما جاء ؟
فامسكت يمناه بيساراها .
و وضعت يمناها على شمال صدره .
واقتادته إلى داخل المخزن عبر مدخل دارها المتسرب لداخل غرف المخزن ، حيث الغرفه المسجى عليها جسد وحيدها المغطى بثوب ناصع البياض على عنقريب من حطب السدر.
وقالت له :
الموت حق يا الحاج .
و وحيد بقى في حق الله .
وغاب عن الدنيا قبل مغيب شمس فرح اخيه بالأمس.
لكنى آثرت الصمت .
فالحي ابقى من الميت .
ودفنت حزن وحيدى جواي .
عشان ما ادفن فرح ضرتى ( السٌرة ) .
فاطلقت صرخة :
واااااااا شريرى
يااااااا وحيدي.
يااااااا حشاي .
فهفهفت لها جرائد النخيل ، وردد صداها النيل . و الصحراء التى تحتضن النيل ثكلى تنوح بصفير وتنثر وتنفث ذرات رملها على العيون والنيل يلطم ضفتيه ، والسماء تذرف دمعات مطرها من الحزن الأليم.
**********************************
وكن حيين بنتكاتبوا وبنتشاوفوا.
✍ أيوب الحويطات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق