الاثنين، 22 مايو 2023

دكتور عمر ابزاهيم

 (لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت)

د.عمر ابراهيم

التفسير الاول والمنطقي لعمليات النهب والتخريب التى صاحبت الأحداث الجارية الآن فى العاصمة وبعض الولايات  أن هناك على مر الزمن تراكم لمشاكل وأزمات اقتصادية واجتماعية أفرزت ليس فقط أزمة اقتصادية بل طبقة من كل الأجناس ليس لها أي نصير ولا حظ من تعليم أو صحة أو أي نوع من الخدمات . عانت هذه الطبقة أكثر حتى من فقراء المدن الذين لهم بيوت وأسر. وبما أن هذه الطبقة لم يلتفت إليها أحد ظلت كل هذه المدة تعيش من فتات المجتمع وظلت ترتكب السرقات والجرائم اذا سمحت لها الفرص حتى سنحت لها الفرصة الكبيرة الان للانتقام من كل شىء  وهي لا ينقصها الحقد على باقى المجتمع خاصة التجار وأصحاب الأملاك. اذا ما يحصل الآن نتاج طبيعي جدا لتراكمات أكثر من ٤٠ عام من الفشل. كل انواع الفشل موجودة وقابعة فى السودان حتى أصبحنا محل سخرية فى وسائط التواصل الاجتماعي وامتدت الحقارة حتى لحقت حكامنا الذين أصبحوا يدارون من على البعد ويرتشون ويشتروا بابخس الأثمان والبضاعة هي ما لذ وطاب من ذهب يلمع وخراف وجمال وصمغ ورمال ولم يسلم حتى جنود قواته المسلحة.

غاب التخطيط فى كل شىء ومن قبلها غابت العدالة ....فى دول الكفر تخصص الرواتب لكل عاطل ويعالج كل مريض ويوفر السكن لكل امرأة ضعيفة أو مسن. اتدرون لماذا تصرف الرواتب لكل عاطل؟ تصرف الرواتب لكل عاطل حتى يكون الغني فى امان من كيد هذا العاطل وينعم المجتمع بالأمن والطمأنينة. فى الصيف عندما يذهب الأغنياء للخارج ليستمتعوا باجازاتهم تحرص الدولة على تنظيم الكرنافلات والحفلات والبرامج الترفيهية فى المدن حتى يجد الذين ليست لهم القدرة على السفر الى الاستمتاع أيضا بأوقات فراغهم ويلهون ولا تحدثهم أنفسهم بسرقة جيرانهم الأغنياء.  

الذين يقولون إن هذه الأفعال ليست من سودانيين فهم مطففين اولا ونظرتهم قاصرة. 

هؤلاء المجموعات سودانية بالمعنى أنهم ولدوا وترعرعوا فى السودان وداخل الخرطوم وهم أكثر المجموعات تضررا من الوضع الاقتصادي لأنهم ببساطة ليس لهم سند ولا وجيع اذا مرضو أو جاعو وظلو صامدين صابرين لا يشتكون لأحد.

السوداني ليس ملك فهو انسان له غرائز واحتياجات وهو ينظر يمينه ويساره ولا يرى إلا بني جنسه منغمسون فى قضاء حاجاتهم ولا يلقون له بالا ولا يمدون له يد العون. المرأة إذا ضاق بها الحال خرجت من بيتها للشارع لتبيع الشاي وهناك ترى العجب العجاب. واذا غلبت رجل العائلة الحيلة لمقابلة فاتورة دواء وذهب إلى المسجد فهو محتال واذا وقف على باب تاجر مجوهرات أعطاه فى احسن الاحوال دراهم معدودة. وأصناف المحتاجين فى السودان ليس لها حصر. 

الاخلاق لا تتجزا... انت يا تاجر هل تبرعت يوم واحد بوجبة لهؤلاء الصبية الذين يمرون على متجرك كل صباح ؟ هل ساهمت فى علاج احدهم؟ هل سالت المرأة التى تراها تتجول بأطفالها الست أو السبع كيف تطعمهم واين ينامون؟ ربما تقول إن هذا ليست مسؤوليتك ... اذا هي مسؤلية من؟ 

يا تجار الخرطوم وامدرمان وبحري...تجاهلتم هذه الطبقة عشرات السنين والبعض الآخر استغلهم فى غسيل سيارته وغرف البالوعات واضهدتهم وغضت الطرف عنهم كل هذه المدة والان جاء دور الانتقام . لا تتوقع من طفل ترعرع فى الأسواق عشرات السنين حتى كبر ولم يرى يوما واحدا عطفا من أحد أن تكون له ذرة من الأخلاق ... من اين ياتي بهذه الاخلاق وهو يسمع أن الحكام يسرقون وان الشرطة تسرق وان التجار يتحايلون و يحتالون. 

انتم لم تذكروا الذي اطعمكم من الجوع وامنكم من الخوف ولم تطعموا المسكين واليتيم فسلط عليكم الله هذا الويل. 

لا يحق لكم أن تستغربوا فهذه نتاج طبيعي لافعالكم وأفعال حكوماتكم منذ أن نلتم الاستغلال. هذه المجموعات هم مواطني هذه الجمهورية الفاشلة والمغرورة بسماحة اخلاقها . الان انكشفت العورات واخرجتم من جنانكم وسلبتم الامن والامان فهل تعودون انتم وحكامكم  لرشدكم وتجمعوا ما تبقى من هذه الجمهورية أم تظلوا كما عهدتم تبحثون عن من تلومون وتلقون عليه خيبتكم.

ليست هناك تعليقات:

مشاركة مميزة

في قعر ركوبة ست الشاي

 في قعر راكوبة ست الشاي جمبت ستنا                             مآآآآآآآ حارتنا  و بِنريدآآآآآآآ    !!!!!!! لبعض الأوباش في حارتنا وحدتنا الذي...

Post