الثلاثاء، 25 يوليو 2023

النظام الفيدرالي التنموي


النظام الفيدرالي التنموي هو البديل للحرب

من سلسلة (تفكير في مستقبل الوطن) 

صورة د. حسين إسماعيل نابري د. حسين إسماعيل نابري24 يوليو، 20230 3 


د. حسين إسماعيل أمين نابري

المجلس الأوروبي السوداني

(Les larmes du passé fécondent l’avenir)

Alfred du Muset

(دموع الماضي تخصب المستقبل)

الفريد دو موسيه

تفكير في مستقبل الوطن (2)

هذا هو مقالي الثاني من سلسلة  (تفكير في مستقبل الوطن)

النظام الفيدرالي التنموي هو البديل للحرب:

مقدمة

إن النظام الفيدرالي التنموي هو البديل للحرب لانه يعالج بصورة جذرية القضايا الحقيقية التي كانت تمثل الدوافع الحقيقية لاشتعالها، وهي مشكلة التنمية غير المتوازية والتي وصفت بقضية الهامش والتهميش وقضية الفقر.

نحن جميعا ندرك جيدا

ان وطننا السودان بسبب إتساع رقعته، والتنوع المذهل لموارده الطبيعية والتباين الخلاق لمناخه وثقافاته يواجه تحديات كبري في مقدمتها التهميش او التنمية غير المتوازنة والانتشار المريع للفقر.

إذن ينبغي علينا ان نركز جهودنا في البحث عن نظام فعال للحكم ولادارة الدولة… نظام يمكنه التصدي لهذه القضايا ذات الاهمية الكبري…وانا هنا اقول بأنني بعد دراسات وبحوث دامت زمنا أجد  أن مفهوم النظام الفيدرالي التنموي يمثل حلا منطقيا مشجعًا ومتكاملا لوطننا السودان.

إنني إذن لارجو بمقالي هذا توضيح مفهوم النظام الفيدرالي التنموي وتقديم مقترح لمناقشة إمكاناته كأكثر نظم الحكم ملائمة لبلادنا ذات التنوع الهائل الذي اشرنا له. ذلك ان الاحزاب والنخب والمثقفين لم يطرحوه الا بصورة هامشية، وانا هنا اليوم ادعوهم جميعا وبصورة خاصة شباب الثورة والمقاومة لدراسة هذا الموضوع المهم للغاية والتعمق فيه، بل تبنيه بلسما لمعالجة مآسي الوطن وتنميته وتطويره وازدهاره.

ينبهنا الخبراء من خلال دراستهم المتعمقة لمفهوم الفيدرالية التنموية الي قدراته الكامنة في معالجات جذرية  لقضايا التهميش وتحسين وضع المجتمعات المهمشة ومحاربة الفقر وليس فقط التخفيف من حدته.

وهذا هو في نظري السبب الذي يدعوني للقول بان النظام الفيدرالي التنموي قد يكون المفتاح لتنمية السودان وتقدمه.

دعونا نبدأ بفكرة مبسطة عن الفيدرالية التنموية:

كما يتضح من التسمية فهي نموذج حكم يجمع بين مبادئ الفيدرالية ومبادئ التنمية المستدامة.

تسعي الفدرالية التنموية لتحقيق التنمية المتكافئة من خلال إسناد السلطة والسيطرة علي الموارد واتخاذ القرارات لأقاليم السودان ( استعادة اقاليم ستة كبري  وإلغاء الولايات) كمعالجة دائمة للصراع بين المركز والأطراف ( centrifugal forces versus centripetal Forces )

ويمكنني القول هنا انه على عكس الفدرالية التقليدية، حيث تظل السلطة والموارد والقرار متركزة في الحكومة المركزية، تضمن الفيدرالية التنموية أن تتمتع الحكومة المحلية بالمزيد من الاستقلالية والمسؤولية الكاملة في إدارة الموارد والتنمية الخاصة بإقليمها.

تطبيق الفيدرالية التنموية  في السودان: بضعة اعتبارات

إن خصائص بلادنا الفريدة، بما في ذلك مساحته الواسعة، وموارده الطبيعية المتنوعة مثل الثروات الحيوانية و الزراعية والمياه والنفط والمعادن، وغيرها تجعل الفيدرالية التنموية نظامًا ملائما للتنمية والتطور.

في تصوري فان تبني وتطبيق  هذا النموذج،سيمكن السودان من ايقاف نزيف الصراعات وتجنب الحروب  والابتعاد من شبح الانفصالات، وذلك بمعالجة  التحديات الناتجة عن التهميش والتباينات والتناحرات الإقليمية ومحاربة الفقر جذريا داخل حدود كل اقليم.

منح سلطات حقيقية للاقاليم:

ترتكز فكرة الفيدرالية التنموية علي انتقال الهيمنة علي الموارد والتنمية  من الحكومة المركزية إلى السلطات الإقليمية والمحلية.

يتيح هذا التفويض مشاركة أكبر واتخاذ القرار على المستوى المحلي، وبذلك يصبح فرصة تاريخية للمجتمعات المحلية لتحديد دقيق لاحتياجاتها واولوياتها.

بذلك ستتمتع الحكومات المحلية بالسلطة في إدارة مواردها الخاصة وصياغة خطط التنمية وتنفيذ السياسات المفصلة لتناسب ظروفها الخاصة المتفردة.

توزيع واستخدام الموارد:

كلنا يعلم أن موارد وطننا الطبيعية المتنوعة مثل النفط والمعادن والأراضي الصالحة للزراعة والمياه، تتوزع عب الاقاليم المختلفة. بذلك تضمن الفيدرالية التنموية توزيعا عادلا لعائدات هذه الموارد.

بلاشك يمنع هذا النهج تركيز الثروة في المركز بل في أيدي القلة ويعزز التنمية المتوازنة في جميع أنحاء البلاد.

معالجة الصراعات الإقليمية:

نحن نعلم ان الصراعات الإقليمية هي تحديات ذات طبيعة مستمرة في السودان.

لذلك فان نظام الفيدرالية التنموية يعالج هذه الصراعات من خلال تمكين الاقاليم بمناطقها ومجتمعاتها الفقيرة المهمشة، ومن خلال منح الحكومات المحلية مزيدًا من السلطة، يمكنها تحديد أولويات مشاريع  التنمية والبنية التحتية وتوفير الخدالة ناجعة.

مات العامة مثل التعليم والصحة والامن في المناطق التي تم إهمالها تاريخيًا.

سيمثل هذا النظام حلولا جذرية  تأخذ في الاعتبار الاحتياجات والتطلعات الخاصة بكل اقليم، مما يعزز الشعور بالملكية والمشاركة الحقيقية في عملية التنمية.

ساخصص دراسة قادمة للمعادلات الرياضية المحاسبية لتوزيع عائدات الموارد بين الاقاليم والمركز.

محاربة الفقر:

أحد الأهداف الرئيسية لهذا النظام هي محاربة  الفقر. من خلال تمكين الحكومات المحلية من إدارة مواردها الخاصة وتنفيذ برامج التنمية المستدامة، يمكن للسودان معالجة الفقر على المستوى القاعدي. تستطيع السلطات المحلية، بقربها من الناس واحتياجاتهم، تصميم وتنفيذ استراتيجيات للحد من الفقر تأخذ في الاعتبار التحديات المحددة التي تواجه المجتمعات المهمشة. يعزز هذا النهج النمو الشامل ويمكن المجتمعات الاقليمية المحلية من أن تصبح مشاركا فعالا ونشطا في تنميتها الخاصة.

خلاصة:

في تصوري تمثل الفيدرالية التنموية نظامًا للحكم مشجعًا للسودان،وذلك باعتبار مساحاته الشاسعة وموارده الطبيعية الثرية المتنوعة وتباين مناخه وثقافاته.

إنني متيقن من ان تبني وتطبيق هذا النموذج، لاشك سيمكن السودان من معالجة قضايا التهميش والارتقاء بمستويات المعيشة بصورة تتناسب مع العصر ومحاربة الفقر بصورة جذرية وفعالة.

ومن خلال إسناد السلطة للأقاليم، وتوزيع الموارد بشكل عادل، والمبادرات التنموية الخاصة بكل اقليم علي حدا يمكن للحكومات المحلية معالجة الاحتياجات الخاصة والطموحات في كل منطقة.

بينما يسعى السودان نحو النمو والتنمية، يمكن أن يكون اعتماد نظام الفيدرالية التنموية  الدافع للنمو الشامل والتنمية المستدامة في كافة أرجاء الوطن العزيز.

     




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق