الثلاثاء، 13 يونيو 2023

حكاوي في زمن الحروب

 اليوم حدث أن جاءت مجموعة من مليشيا الدعم السريع دخلوا حينا في بداية شارعنا مباشرة لنهب أحد المنازل التي كان بها عدد من السيارات الموجودة في المنزل الذي كان يسكنه صاحب المنزل مع أسرته المكونة من نساء.

ما كان منا إلا أن استعنا بالله وتوجهنا مستعينين بالله يسوقنا حق الجوار ، وشرف المروءة، وإغاثة الملهوف.

ما يميزنا أننا دائما مرابطون في الشارع ليلا ونهارا.

المهم توجهنا تجاه منزل الجار فما كان من أفراد الدعم إلا أن ارتبكوا من المفاجئة لدرجة أنهم تراجعوا حرفيا إلى الوراء وهم ينظرون إلى الخلف وعن يمينهم خوفا من أن تكون هناك مجموعة أخرى، المهم عمَّروا كلاشاتهم ووضعوها في حالة الاستعداد في مشهد أقرب لأفلام الأكشن !

والله ما جفلنا وأصرينا أن نكون متواجدين بهذا العدد، وهذا أحدث نوعا من القلق لمليشيا النهب الصريع وهذا رأيته بأم عيني فقد كنت تجاههم مباشرة في الصف الأول.

بعد أخذ ورد طلبوا منا الرحيل فرفضنا رفضا قاطعا ونحن نرى جارنا بين أيديهم وزوجته تبكي، وهي في مقام الأم.

الذي حدث أنهم اقتنعوا أنهم لن يستطيعوا نهب السيارة ولا نهب المنزل ، وفي نفس الوقت لم تقبل نفسهم الدنيئة أن يخرجوا بخفي حنين، فاقتادوا صاحب المنزل إلى جهة مجهولة فاقتربنا من سيارتهم ،ووالله رأينا الهلع في عيونهم بالرغم من امتلاكهم للأسلحة.

 نحن فهمنا الرسالة من أخذ الرجل، وهي محاولة تأمينهم من أي هجوم محتمل عليهم وعدم التعرض لهم؛ لذلك رضينا مؤقتا بهذا الخيار عملا بقاعدة أخف الضررين، بالفعل تم وضع الكلبش واقتياده إلى جهة مجهولة.

نحن في هذه اللحظة ضمنا ثلاثة أمور :

أولا: أن أسرته المكونة من نساء هم الآن في أمان تام بالرغم من صعوبة الموقف عليهم.

ثانيا: تجمهُرنا ووقُوفنا وثباتُنا أمامهم أحدث لهم مفاجئة غير متوقعة غيَّرت خطتهم، وأربكت حساباتهم.

ثالثا: كنا على يقين بأنهم سيتركونه؛ لأنهم أخذوه فقط لحفظ ماء وجههم النتن.

المهم بعد أن غادروا وهم يصوِّبون أسلحتهم تجاهنا، في مشهد غاية في الجبن وبعد أن تم الإطمئنان على الأسرة تحركنا صوب مجموعة معينة متواجدة في طرف الحي وتكلمنا معهم بعبارات صريحة لا لبس فيها ولا ريب ، أن هذا الفعل الذي حدث الآن لن يمر ، ونحن في هذا الحي ( *خاصة في وسط الحي لأننا متواجدون فيه حصرا ،فبقية الأرجاء قد غادرها أهلها* ) لن نقبل بفتح هذا الباب من النهب والفوضى لأنه سيصعب إغلاقه حتى عليكم.

في هذه اللحظة تقريبا كل الرجال والشباب الموجودين في بقية الشوارع كانوا قد توافدوا بصورة أكبر بعد أن وصلهم الخبر ، فهذا التجمهر زاد من توتر المرتزقة وقلقهم، وهذا كنت أراه في عيونهم والله.

 هنا أكَّد لنا أحد الأفراد أن الرجل سيعود إلى بيته وبالفعل أمامنا تحركت سيارة تاتشر ومعها سيارة برادو، وطلبوا منا أن يركب منا إثنين أو ثلاثة للتعرف على الأشخاص الذين قاموا بأخذ الجار، وبعد أن همَّ بعضنا بالصعود معهم ما كان من قائدهم إلا أن قال لا داعي للذهاب معنا تحسبا لأي طارئ.

المهم، تحركوا وقالوا لنا سنلحق بهم الآن، وسيعود إلى بيته.

( *لا ندري هل فعلا ذهبوا إليهم ولحقوا بهم أم لا، فقد كان هدفنا فقط إرسال رسالة محددة* )

المهم توجَّهنا مرة أخرى ورابطنا متجمهرين بالقرب من داره حتى تكون أسرته مطمئنة بتحركاتنا وأننا على أقل تقدير نحمل نفس الهم، وسنفعل ما في وسعنا كجيران هميمين ، ومواطنين شرفاء ليعود أبوكم إلى بيته، وهذا كان له وقع حسن في نفوس أسرته وخاصة في الوقت الراهن كلهن نساء.

بعد ساعة تقريبا وصل الجار بسلامة الله، فتبدلت دموع زوجته وبناته بالزغاريد وانفراج الأسارير في مشهد مؤثر للغاية، فقد تخيلتُ لبرهة أنه أبي وهذه أمي وتلك أخواتي !

والله كم فرحنا ونحن نرى أننا بالفعل قمنا بحماية حينا  قبل حماية أحد افراد الحي وأسرته، وأعدنا البهجة إلى هذه الأسرة، فقط بمجرد التجمهر والتعاضد، والترابط.

*****

 *الرسالة التي أريد إيصالها للجميع ، لابد من التواجد المكثف في أحياءكم، اخرجوا واجلسوا أمام منازلكم.* 

 *والله العظيم اليوم بيان بالعمل رأيت فائدة الجمهرة ودورها في إرباك هؤلاء المرتزقة.* 

 *لا أقول لكم هاجموهم وأنتم عُزَّل لالا، بل أقول مجرد تواجدكم بكثافة وحماية بعضكم البعض، وإظهار كثرتكم هو في حد ذاته مربِك جدا بالنسبة لهم، واحتسبوا الأجر عند الله تعالى.*

 *الحمد لله اليوم أوصلنا رسالة واضحة مفادها، حيُّنا وبالتحديد وسط الحي لا يمكن دخوله ونهبه، ونحن متواجدون فيه*

 *مبادرة حماية الأحياء* 

  ( *مَـحْـيا* ) 

الرساله من شرفنتود

 *11-6-2023*

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق