" الغمتة" عادة سودانية حميدة
بقلم: أمير شاهين
منقول بتصرف
يشتهر السودانيون بالكرم والشهامة والتكافل واغاثة الملهوف والوقوف مع المحروم حتى كادت هذه الصفات ان تكون حكرا على السودانيين من دون غيرهم من شعوب العالم، وتعتبر " الغمتة" وهي المفردة السودانية التي تعنى " العطاء بالخفاء" او إعطاء المال بطريقة " ولا من شاف ولا من درى" كما يقول المصريين، وهي تتسق تماما مع قول الرسول صلى الله عليه وسلم " ورجلٌ تصدَّق بصدقةٍ فأخفاها، حتى لا تعلم شمالُه ما تُنفق يمينه "
الغمتة (غمت، يغمت، غامت ومغموت ومغمتة و غمْات) عادة سودانية حميدة جدا ومنتشرة.. ولو انها قلت او تختفي في السنين الاخيرة.. أو ربما تحولت من شكلها التقليدي القديم واصبحت تأتي في شكل تحويل بنكك او رصيد أو (شيرنق) في الزنقات بين الإخوان والأصحاب او الزملاء. وللغمته طعم ومذاق خاص اذ انها بتيك احيانا وانت في أمّسَ الحوجة (جات في جرح). وخجلان تشحد وتطلب قريشات (جمع قروش) من زول حتى لو كان قريب منك شديد.. او كان اخوك.. فبجي يغمت ليك.. لمن ترتاح انت ذاتك.. وتشعر بانتشاء وفرح يلامس عنان السماء. والاجمل في الغمت دا أنك بتكون " مقشط" (معدوم) وما عارف المغموت ليك كم في حال الغمت المباشر!! فتبتدي تسرح في حلحلة المشاكل وتخطط للمشاريع الممكن تحققا بقيمة الغمتة دي.. وتكون متشوق للحظة. التعرف فيها غمتو ليك كم؟ ودا على حسب العرف والتقليد السوداني ما بيتم الا بعد مفارقة الزول الغامت ليك... يعنى عيب تحسبها قدامو، وتتعدد أشكال الغمتة. احيانا تجي في شكل.. حاجة كدا تحت المخدة وتحت المخدة دى من أكثر أنواع الغمت شيوعا ودي بتكون دايما في حالات المرض او ود الطهور او الولادة.. ونحو ذلك.. وغالبا ما تكون حصيلتا جامدة.. لإنو المخدة دي ما بتترفع الا نهاية اليوم.. ايضا الغمت المباشر ودا في حالات وداع المسافر.. او مجاملة في فرح او مصاب او حدث له مكروه.. او شي من هذا القبيل.. مرات في غمت ساي كدا بس محبة في الله!! ربما يكون المغموت له ميسور الحال وما محتاج لي غمت الا أنه الواجب.. ومن ابهي صور الغمت هو الغمت للأطفال في الاعياد والمناسبات.. غمته صغيرونة كفيلة بإدخال السرور في نفوسهم.. وما اروع فرحة الاطفال (مرات الام والأب يستولوا عليها) ويحنكوا الشفع بموضوع احنا حا نحفظها ليك عشان ما تضيع! وهنا طبعا الام بتراهن على ذاكرة الأطفال الضعيفة ولكن بالخبرة هنالك بعض الأطفال (الشفع) لديهم ذاكرة حديدية كذاكرة الجمل وبيعكلتوا مع امهاتهم في استرداد القروش اللي طبعا بتكون اتاكلت وراحت شمار في مرقة!! ومن المواقف الطريفة والمحرجة معا انه قد يحدث انه يتوجب عليك ان تغمت وتكتشف أنك انت ذاتك محتاج يغمتو ليك.. (موقف لا يحسد عليه) واوعك تزور مريض في مستشفى تقوم تشيل معاك حلاوة ولا فواكه!! اغمت ليهو حق الحاجة دي ولو بسيط، فيمكن أن تساهم هذه الغمتة في شراء دواء.. أغمتو لبعض وأكثروا من الغمت فالغمتات توثق العلاقات...وتديم المحبة والود بينكم.. . المهم اغمتوا لبعض حتى تدوم المحبة بينكم وما تنسوا تغمتوا للأطفال والارامل والايتام هذه من موجبات دخول الجنة والعتق من النار وكل سنة وأنتم بخير وتامين ولامين وغامتين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق