الراحل بروفسيور /النزير دفع الله
احمد النذير دفع الله
Fadwa Taha
♥️منقول من صفحة بروفيسور. النزير دفع الله
السيد راعي الجامعة والسادة أعضاء مجلس السيادة
السيد رئيس مجلس الجامعة
السيد رئيس مجلس الوزراء والسادة الوزراء والسفراء
سيداتي وسادتي الضيوف والخريجين بنات وأبنائي الطالبات والطلبة
♥️طاب مساؤكم،
♥️أرحب بكم ترحيبا حارا في يوم عيدنا هذا الذي نحتفل فيه بتخريج نخبة من خريجي هذه الجامعة بعد أن اعدتهم اعدادا يجعلهم املا لحمل المسئولية الوطنية العظيمة التي يؤدونها جهد طاقتهم بأذن الله. فالجامعة تهيئ لطلابها الجو الصالح للدراسة وحرية البحث وهي التي تختط المناهج المناسبة متوخية حاجة البلاد، وتضع شروط القبول للمحافظة على المستوى الجامعي، وتهيئة الجو المناسب للأساتذة والطلاب لممارسة نشاطهم العلمي في الفصول والمعامل دون خوف او اکراه. لهذا كله نادينا باستقلال الجامعة.
غير أن هذا لا يعنى أن تقف الجامعة بمعزل عما يدور حولها من أحداث جسام. فالجامعة كائن حي يتأثر بما يحيط به ويؤثر فيه لذلك يهتم الاساتذة بدراسة ما حولهم دراسة علمية موضوعية. كما أن الطلبة يشعرون ويلحون بأن عليهم بجانب الانقطاع للعلم واجب ابداء آرائهم في القضايا الوطنية التي تمس مستقبل بلادهم. وفي الدور القيادي الذي اسهمت به جامعة الخرطوم قبل ثورة ۲۱ أكتوبر الخالدة وبعدها خير شاهد على ما اقول. وكان نتيجة ذلك أن الشرارة الأولى اندلعت في هذا الحرم من الطلاب وأساتذتهم واستشهد القرشي وبابكر وهما في عنفوان الشباب وتبعهم آخرون من المواطنين فكانت حياتهم قربانا لزوال عهد خنقت فيه الحريات وجثم على الصدور ست سنوات طوال وخلد الشهداء بيننا ارواحا ومثلا بعد أن افتقدناهم أشخاصا " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون " فنسأل الله أن يهدينا بما قدموا من عظيم التضحية وافناء ذواتهم لهذا الوطن سدادا وعبرة نستلهم منها انكار ذواتنا ونحن نعمل للمصلحة العامة.
لذلك كرم المواطنون هذه الجامعة ونصوا في ميثاقهم الوطني على ضرورة تأمين استقلالها. ومن ثم أعيد تشكيل مجلس الجامعة وفق قانون الجامعة لسنة 1956، فاكتمل الوضع الدستوري بطريقة تكفل الاستقرار المنشود وكان ذلك نعم الجزاء.
♥️سيداتي وسادتي:
يسرني قبل أن أخوض في تقريري عن الجامعة الذي درجنا على طرحه عليكم في مثل هذا اليوم من كل عام، أن أرحب ترحيبا حارا بالسيد لويجي ادوك الذي يتبوأ أمامكم مكان رئاسة الحفل بوصفه رئيسا لمجلس السيادة لهذا الشهر، ومجلس السيادة كما تعلمون هو راعي الجامعة الذي اختاره مجلس الجامعة حسب قانون عام 1956، فأحسن المجلس الاختيار. إنني إذ أرحب بهم أود أن اهنئهم في نفس الوقت لثقة مجلس جامعتكم فيهم، فهم أهل لتطوير الجامعة وأهل للحفاظ على حرية العلم وتقدمه.
♥️سيداتي وسادتي:
في خلال العام المنصرم خطت الجامعة خطوات ملموسة في تنفيذ برامج التوسع المرسوم 'لها وفق خطة التنمية العشرية لمسايرة تطور البلاد •
♥️وقد نمت كل كلية في عدد طلابها وأساتذتها فارتفع العدد الكلى للطلاب من الفين وسبعة (2007) في العام الماضي إلى ألفين ومائتين وسبعة (2207) هذا العام. وازداد تبعا لذلك عدد الطالبات الى مائة واربعين (140) بالمقارنة مع مائة وستة عشرة (116) في العام الماضي. كما يشتمل العدد على ثلاثة واربعين (43) طالبا أجنبيا جلهم من الأقطار الافريقية وهو اتجاه تشجعه الجامعة حرصا على تنمية الصلة الثقافية في إطار الوحدة الافريقية.
♥️وقد ارتفع عدد المسجلين لدرجتي الماجستير والدكتوراه الى اثنين وثمانين (82) طالبا بالمقارنة مع واحد وسبعين (71) في العام الماضي وقد تبع ذلك توسع في المعامل والمعدات بصفة عامة. وقد اكتمل إنشاء كلية الصيدلة بأربعة أقسام فاستقبلت أول فوج من طلابها في بداية العام الأكاديمي الحاضر. كما تم إنشاء خمسة أقسام جديدة في الكليات الأخرى، وبلغ مجموع الشعب تسع وخمسين شعبة بالمقارنة مع الخمسين قسط التي ذكرتها لكم في العام الماضي. هذا بخلاف وحدات للبحث ضمتها وحدة السودان التي بدأت صفحتها بدراسات اجتماعية واقتصادية عن النوبة في وادي حلفا وخشم القربة. كما يسرني أن أذكر أن لجنة الدراسات الاضافية قد تطورت الى معهد الدراسات الاضافية الذي زاول نشاطا ثقافيا واجتماعيا أكثر من العام السابق والامل معقود في أن يسد هذا المعهد حاجة المجتمع الثقافية بصورة أوسع فهذا واجب من واجبات الجامعة الهامة •
أما نصيب الكليات في هذا التوسع فقد بدأ قسم الآثار بكلية الآداب نشاطه وانخرط في سلك دراسته خمسة من الطلاب لنيل دبلوم عال پستغرق ثلاث سنوات وتأهبت كلية الحقوق للشروع في دراسة خاصة بالقانون التجاري تنتهي بدبلوم، وادخلت كلية الاقتصاد والعلوم الاجتماعية تغيرات في مناهجها تتيح لطالب الشرف تخصصا أعمق في العلوم الاقتصادية والاجتماعية كما أن كلية العلوم تمكنت بفضل ازدياد عدد أساتذتها من جذب عدد أكبر من الطلاب في الدراسات العلمية وازدياد عدد طلاب الدراسات فوق الجامعية ازديادا محسوسا. وقد صدق باعتمادات مالية لإنشاء معامل للفيزياء حتى تتمكن كلية العلوم من استيعاب العدد الكافي لتوسعها وتوسع كلية الهندسة. كل يؤمل عند اكتمال المباني الجديدة لكلية الهندسة أن تتسع لقبول مائة وخمسين (150) طالبا في العام بهدف مد احتياجات البلد بأعداد أكبر في كل فروع الهندسة.
♥️وفي كلية الطب وضعت الخطة لإنشاء شعبة لطب الاطفال وادخال الطب الشرعي. وفى كلية الزراعة إدخال تغيير في المناهج يتيح قدرا من التخصص في العلوم الزراعية كما شرع في إنشاء قسم للعلوم المنزلية والتنمية الاجتماعية الذي نأمل أن يستقبل اول فوج من الطالبات في عام 1966 بعد أن يقضين سنة في كلية العلوم. أما في كلية الطب البيطري فقد اكتمل بناء مستشفى بيطري حديث بشمبات يفتتح في اول العام المقبل وسيكون أداة هامة للبحوث في الطب والجراحة.
♥️وبما أن وجود المراجع العلمية هام لكل تقدم أكاديمي، فقد كان لزاما أن يصحب ما ذكرته من نمو ازدياد في المكتبة بإضافة مراجع طبية فارتفعت حصيلتها هذا العام من ستة وتسعين ألف كتاب (96000) الى مائة وثلاثة وعشرين ألف كتاب (123000). كما أن مباني مطبعة الجامعة قد شارفت على النهاية والأمل كبير في افتتاحها قريبا حتى تسد النقص الذي نعاني منه في الطبع والنشر.
♥️سيداتي وسادتي:
لا أكون قد أديت واجبي لو تركتكم تعتقدون أن حياتنا كلها نجاح وتقدم • فهناك صعوبات عدة لم نوفق في تذليلها. فلم يحالفنا التوفيق مثلا في تطوير قسم التربية الذي تعثر لأسباب خاصة في العهد الماضي، وإننا لنأمل أن نتمكن من تذليل تلك الصعاب، كما انه يزعجنا أن داخليات الطلاب تحتاج منا الى مجهود أكثر في تنظيمها. ولا زلنا نأمل أن تكون علاقة الطالب بالأستاذ أقرب مما نلاحظ وهذا يحتاج الى عناية خاصة من قبل الاساتذة والطلبة على السواء. كما يقلقنا كثيرا أن يكون الرسوب خاصة في السنة الاولى بالنسبة الكبيرة التي نلاحظها وهذا في رأينا يرجع الى القفزة من الحياة المدرسية الى الحياة الجامعية من غير أن تكون هناك مرحلة وسطى يتدرب فيها الطالب على الاعتماد على نفسه أكثر من ذي قبل في التحصيل كما هو الحال في كثير من الأقطار الأخرى وكذلك يصعب في بعض الأحيان ایجاد العدد المؤهل من الطلبة للكليات العلمية ، وفي هذا العام خصص اربعمائة وثمانون مكانا (480) بكلية العلوم ولم يوجد سوى اربعمائة (400) طالب فلأول مرة في تاريخ هذه الكلية يزيد عدد الفرص الممنوحة على عدد الطلاب المؤهلين
♥️أكبر الصعوبات التي تجابهنا هي الحصول على الأساتذة المؤهلين. أن الجامعة تعمل على التغلب على هذه المشكلة بالاستمرار في بعث خيرة خرجيها للخارج يتزودوا بالكفاءات والخبرة اللازمة للتدريس الجامعي، الأمر الذي نتج عنه ارتفاع عدد الأساتذة السودانيين إلى مائة وأثنى عشر (112) هذا العام مع وجود مائة وثمانية وأربعين مبعوثا الأن بالخارج. رغم هذا كله فأن الجامعة ستظل بحاجة ماسة الى الاساتذة الاجانب ذوي الخبرة الممتازة لفترة قد تطول، لما لهؤلاء من إثر حميد على المستوى العام سواء من ناحية التدريس او البحوث. ونحن مدينون في هذا المضمار للعون الذي تقدمه لنا الجامعات الصديقة التي تبذل كثيرا من التضحيات بإعارة اساتذتها رغم حاجتها لهم واخص بالذكر جامعة القاهرة فرع الخرطوم والجامعات العربية كما أن علاقاتنا بالجامعات الأخرى في بريطانيا وامريكا وشرق أوروبا وغربها قد نمت نموا ملحوظا في الآونة الاخيرة. لكن مع ذلك كله فأن سياسة الجامعة ترمي الى سودنه رئاسة إدارات الأقسام متى ما وجد السوداني الكفء، وقد سودنت حتى الآن رئاسة سبعة وعشرين (۲۷) قسما بخلاف الوظائف الادارية التي سودنت من قبل. وأود أن أضيف أن الجهاز الإداري في الجامعة يحتاج الى شيء من التطوير يتناسب وتوسع الجامعة ونحن بصدد الشروع في إدخال بعض التعديلات بهدف خلق شی من اللامركزية.
♥️سيداتي وسادتي:
يسرني أن أنبئكم أن مجلس الاساتذة قد قرر منح درجة الدكتوراه الفخرية لعضوين من أعضاء مجلس السيادة هما السيد الدكتور عبد الحليم محمد والسيد الدكتور التجاني الماحي. وذلك لما قدماء للبلاد من خدمات جليلة في المجالات العلمية والاجتماعية واني اهنئهم بذلك.
بعد لحظات سيداتي وسادتي، سيتقدم الى هذه المنصة مائتان واثنان وثلاثون (232) خريجا وخريجة يتسلموا درجاتهم: منهم استاذ أجنبي نال درجة الدكتوراه في علم التشريح وسبعة نالوا درجة الماجستير في الآداب والعلوم والزراعة.
وحق للخريجين أن يفخروا بما نالوه من نصر بذلوا له مجهودات عظيمة ويجب علينا أن نذكر أن هذا النصر المشرف ثمرة جهد مشترك بين الأساتذة والطلاب، الأساتذة يعملون جاهدين لتعميق تفهم العلم ونشره بين طلابه والسعي لإدراك الحقيقة. فإلى هؤلاء جميعا على اختلاف جنسياتهم وأوجه تخصصهم كثير الشكر وعظيم الامتنان على ما يبذلونه من تضحيات لبناء هذه المؤسسة على دعائم ثابتة.
بناتي الخريجات وأبنائي الخريجين:
أن فرصة التعليم الجامعي في بلد نام محدود الموارد كالسودان لا ينالها إلا صفوة مختارة، واني إذ اهنئكم بذلك أود أن اذكركم أن لهذه البلاد دینا عليكم توفونه مما تقدمون من إخلاص في العمل بنشر الوعي وتعميق لمفهوم الحياة الحرة الكريمة بين مواطنيكم.
ولا بد أن تكونوا قد اكتشفتم - وقد مر على تخرجكم ما يقارب من العام - أن درب الحياة لا يبدأ مفروشا بالورود وأن بين الواقع والمني طريق يحتاج الى زاد كثير من الصبر والإيمان والى سلاح ماض من العمل والتعاون. ولا بد أن تكونوا قد أدركتم أن الحياة لا تجود عادة بالكثير مقابل الجهد القليل، ولا بالمجد مقابل الخمول ولا بالثمين مقابل الحقير. واخيرا لا بد أن يكون قد تبين لكم أن الموضوعية في إصدار الأحكام تنبعث من الضمير والعقل، وأن المغالاة في العاطفة تفريط، وهو بعالم الغريزة الصق وعن دنيا العقل أبعد التمييز بين الصفتين هو المقياس الذي يحدد الى أي مدى نجحنا في صقل أنفسنا وتهذيب عقولنا، وتنمية شخصياتنا. لابد أن تكونوا قد أدركتم هذا كله بل أكثر منه، واسأل الله لكم كل سعادة وتوفيق.
♥️سيداتي وسادتي:
كل ما قدمت من تفاصيل لنشاط الجامعة وبرامجها يستلزم اعتمادات مالية كبيرة ونحن جد شاكرين للدولة التي تدفع بسخاء وعن طيب خاطر. كما أخص بالشكر بعض المواطنين وعلى رأسهم السيد ميرغني حمزة والسيد محمد احمد السلمابي وبعض المؤسسات شركة شل (السودان) وبنك باركليز والمجلس البريطاني ومؤسستي روكفلر وفورد ووزارة التنمية البريطانية لما وراء البحار على المساعدات المادية التي يقدمونها للجامعة. أنه ليسعدني أن يحتل السودانيون مكانا بارزا في هذا المضمار ويقيني أن ذلك سيكون خير حافز للأثرياء من المواطنين ليحذو حذوهم في هذا المقام النبيل. وانه ليسعدني أيضا أن اتقدم بجزيل الشكر للأفراد والهيئات والسفارات والحكومات التي أهدت الجامعة كثيرا من الكتب والمعدات للمعامل ومنهم على سبيل المثال لا الحصر السفارة السعودية، والسفارة الكندية والسفارة الروسية والسفارة الامريكية.
♥️سيدي الرئيس - سادتي الضيوف:
هذا مجمل سريع تحاشيت فيه كثيرا من التفاصيل التي لا يتسع لها هذا المقام فأرجو أن أكون قد نجحت في إبراز المعالم الهامة لنشاط جامعتكم خلال العام المنصرم وأرجو أن تكون الجامعة قد وفقت في أداء رسالتها.
والله الموفق ومنه نطلب السداد والسلام عليكم.
✍️النذير دفع الله
مدير جامعة الخرطوم
الخرطوم
18 مارس 1965
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق