الاثنين، 18 أبريل 2022

محمد حجاز مدثر

 🏆🏆🏆الراحل /محمد حجاز مدثر

♦️ ولد المعلّم الأديب محمد حجّاز مدثّر عام 1930 في منزل الأسرة بحي أبروف الأم درماني و نشأ و ترعرع في كنف أسرة الحجّاز التي يعتز بها أهل أم درمان نسبة لما عرف عنها من علم و أدب . والده هو حجّاز مدثّر إبراهيم الحجّاز و والدته هانم زين العابدين إبراهيم الحجّاز أما جدته والدة أبيه فهي مدينة بنت الامير عبد الحليم مساعد من أسرة الهاشماب .

♦️ أكمل المرحلة الابتدائية في المعهد العلمي بأم درمان ثم انتقل الى دار العلوم بالقاهرة و تخرج فيها ثم بعدها اشتغل بالتدريس معلما و مديرا فى المدارس الثانوية و ملحقا ثقافيا بالسفارة السودانية بالمملكة العربية السعودية من عام 1976 و حتى عام 1980 .

♦️ محمد حجّاز مدثر والذي ما ذكر اسمه إلا وذكر دوره الرائد في خدمة الأدب الفصيح وسنام ذلك الاهتمام حفوله وبحوثه الزكية في عبقرية صديقه ورفيق دربه الشاعر إدريس محمد جماع فكان مرجعاً لذلك الشاعر السوداني الذي غنى لقيم الخير ومكارم الأخلاق .

♦️ ومما عرف عنه أكثر اهتمامه الذي تميز به في كشوفاته الذوقية العالية في مجال الأدب الشعبي الدعوي المتمثل في المديح النبوي الشعبي السوداني وربطه بأمداح السلف الصالح من شعراء الأمة الإسلامية في كافة عهود مدارس الشعر فكان محمد حجّاز مؤسسة بحالها في العناية بالأدب الذي صدح و صدع بمضامين السيرة النبوية فكان به وبضيوفه في تناولاته الإعلامية المتعددة وفي مقدمتها البرنامج التلفزيوني (ساعة صفا) .

♦️ كان حجاّز مؤسسة في إنسان انطوى على مكنون أمته الإيماني الدعوي الذي كان رواته حداة وشداة بالسيرة النبوية المشرفة فكان مثلهم بطرحه الشفيف الودود محبباً في تلك الشمائل بقلب مفتوح و بوجه مطروح وبصدر مشروح و بابتسامة شفها ذلك الوجد الذي تملكه لمدح الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم فكان عمراً من الوفاء في (ساعة صفا) التي كانت كل دقيقة وثانية فيها تعبر عن عمر محبة أهل السودان الذي هو بعمر دخول هذه البلاد في نور الإسلام واهتدائها بالقرآن الكريم وأنسها الرفيع بمدح المصطفى الذي تحيا به القلوب.

♦️ فكان محمد حجاز مدثر بطرحه الآسر موكباً حفياً بذلك الجمال وذياك الجلال وهاتيك القيم الفاضلة التي استخلصها بأعلى نسب الاستخلاص وبلورها في حبيبات محبة عالية النقاء و في ذائقة التلقيات الذوقية التي كان يحدثها في رحاب (ساعة صفا) التي جعلها قيمة تعلو على كونها مجرد برنامج تلفزيوني أسبوعي كان الناس ينتظرونه بفارغ الصبر لما به من متعة و من فائدة تضيف إلى المدارك ما لا يحصى من الإمداد المعرفي المبارك و تفعم الأرواح و الوجدانات بفيوض من الحب الكبير .استطاع الأستاذ محمد حجّاز من خلال برنامجه (ساعة صفا) أن يتحف وجدان أهل السودان ويثري أثير الشاشة بأدب عال تسمو به النفوس و تنفسح له الصدور و كان في ذلك المنحى قد صدر من خلفية أسرية تميّزت بالعلم و الأدب و الورع .

♦️ في هذا المحيط تشكّلت في وجدان أديبنا الكبير هذه الحصيلة الوافرة من الأدب الرصين في الفصحى والعامية فجرى على يديه أعظم التوثيق لأساطين المديح النبوي الشعبي وعمالقة الإنشاد الروحي الفصيح فعرف الناس من خلاله النبهانيات وأمداح الإمام الزمخشري والإمام الصرصري والشيخ البرعي اليمني فقد عرف الناس على يديه نبويات الشاعر يوسف مصطفى التني وقصائد الشيخ قريب الله أبا صالح و أمداح الشيخ عبد المحمود نور الدائم من خلال مادح السودان ومنشده أستاذ الأساتذة في هذا المجال الشيخ بشير الحضري.

♦️ كان محمد حجّاز قومياً في طرحه حيث تداعت إلى (ساعة صفا) - التي هي بمساحة قرون من زمان الصفا - تداعت كل إبداعات القرون في مدح الصادق المأمون فمن من الناس لا يذكر حفوله برائعة الإمام الزمخشري على لهاة الشيخ بشير الحضري حين يحلق بالأرواح كما وصفه الأستاذ عمر الحاج موسى يوم رحيله وهو ينعاه لأهل السودان فقال : (أنعي لكم الصداح ومهدهد الأرواح بشير الحضري) فكان محمد حجّاز يكثر من استضافته في برنامجه وهو شهد لا يمل اشتياره فيذوب الأستاذ في صوته.

♦️ كان تحليل محمد حجّاز لتلك الأمداح إبحار في لجج المعاني بخطاب ميسور فكان بذلك الطرح الرزين الرصين السهل الممتنع نسيج وحده فلم يكن متكلفاً بل كان عميقاً يفوح من أردان علمه ومحبته نشر الصدق ويسر المداخل ولمح المداخلات الذكية ففي حكيه الممتع المفيد بأعلى درجات الإقناع و الاستمالة كان بعيدا عن الضحالة والتسطيح الذي ضرب بأطنابه أجهزة الإعلام في هذه الأيام . في كل ما صدر عنه كان يصدر عن قيمة عالية في الامتلاء بالمادة التي كانت في مجال اطراح و تقديم المدائح النبوية و الإنشاد الديني .. كانت تكتبه قبل أن يكتبها وتقدمه قبل أن يقدمها وكان سر أسرار نجاحه في مادة أحسن هضمها واستكنه مكنونها وسبر غورها . لقد أفلح في خطاب الناس بما هو مخبوء في وجدانهم فلكم أوقف الناس على أدق دقائق أدب المديح النبوي وتوافر له ذلك بثقافته الواسعة في الأدب العربي و معلقاته التي كان يلقيها بجرس آسر .

♦️ كان محمد حجّاز ذلك العاشق المشوق مدرسة قائمة بذاتها أرست قواعد ثابتة لتعاطي أدب المديح النبوي الذي كان هو رائد استقدامه الأول للتلفزيون السوداني وكان الأستاذ ركنا لاحتمال نبيل في الصبر على الذين لا يعلمون ما بهذا الأدب الذي يحفز إلى السير بالأرواح على دروب الصلة بالله وبرسوله الكريم فأوصل محمد حجّاز إلى مفاهيم الخاصة والعامة تلك الرسالة الإعلامية في خدمة الجناب المحمّدي فلاقى ما لاقى لا سيما من بعض الذين تجافوا عن سماع هذا الأدب لجفاء في طباعهم أو لجهل به.

♦️ لقد فتح محمد حجاز مدثر أبواب (ساعة صفا) لكل صنوف المديح إذ كان له ذوق رفيع في حسن اختيار المديح .. مديح الفكرة و الذوق فمن خلاله ومن خلال برنامجه الثقافي المتكامل فتح آفاقاً جديدة و ناغم بين الأصالة والمعاصرة فجدّد للمادحين روح خطابهم فعرف الناس و وقفوا على رقائق الشيخ المجذوب من المنشد عثمان محمد علي الذي تخصص في لونية المجاذيب وانتشرت على لهاته في ذلك البرنامج ذلك الى جانب المادحين حاج التوم من الله وأبي شريعة فكان الأستاذ و بما استقدم من عينات الأدب الروحي الرفيع تحفة أدبية وإعلامية وعلمية أتحفت وجدان أهل السودان بأسمى الأمداح وأحلى الأهازيج في سيرة المصطفى صلى الله عليه و سلم فكان محمد حجّاز نسمة من ذلك الأريج و كان بسمة تنضح البشر و المحبة في قلوب الناس و في وجوههم


♦️ توفي الي رحمة مولاه يوم ١٩ ديسمبر ١٩٨٥م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق