الثلاثاء، 1 فبراير 2022

صهر الإمبراطورية هيلاسلاسي

 🚫طه عثمان بلية🚫

♦️ صِهر الأمبراطور هيلاسلاسي

♦️ دخل قلوب الناس بلا استئذان، أحبوه لطيبة قلبه وعطائه اللامحدود، كان همه البناء، التعمير والنهضة، دافع عن القضية التي اختارها حتى الرمق الأخير، لم يكن يطمع في جاه أو سلطان، فقد كانت أقصى طموحاته توفير التنمية لأهله وعشيرته في الشرق، فعاش من أجل المبدأ والفكره ومات للقدوة والعبره، هكذا كان الدكتور طه عثمان بلية مؤسس مؤتمر البجا في الخمسينيات وحادي ركبه، الرجل الذي أعطى أهله في شرق السودان كل ما يستطيع ورحل قبل أن يكمل المسيرة التي لو قدر لها أن تمضي لتغير الكثير. في المساحة التالية يفتح معنا ابن أخيه عثمان علي بليه وابنة عمه زوجة أخيه فاطمة أبو فاطمة بلية بعض من صفحات حياته التي انطوت في العام (1960)م.

🏆من اداراويب إلى  سواكن

♦️ ولد طه عثمان بلية في (1920)م، بمنطقة اداراويب غرب مدينة سواكن، تلقى تعليمه الأولي في سواكن، وبحكم عمل والده مفتش تعليم تنقل في مرحلة الوسطى بين مدرستي سنكات ومروي، وفي (1940)م درس الطب بكلية غردون الطبية، زامله فيها أربعة طلاب فقط، بعدها تخصص كطبيب باطنية من جامعة كمبريدج بلندن.

♦️ بعد أن تخرج مباشرة في (1946)م، اختاره إمبراطور الحبشة هيلاسلاسي للإشراف على علاجه من بين (4) أطباء قدمتهم له الحكومة السودانية ليختار واحدا منهم، وبعد أن تعافى طلب بأن يذهب معه هذا الطبيب إلى إثيوبيا، ليصبح طبيبه الخاص في البلاط الملكي، وعندما أخبروا طه بالموضوع وافق في الحال، وقال إن هذه خدمة وشرف للسودان، فأصبح بذلك ملازماً له في كل جولاته الإقليمية والعالمية.

🏆إثيوبيا

♦️ ازداد إعجاب الإمبراطور بد. طه كثيراً، فقربه من الأسرة ورغب في أن يزوجه ابنته، رحب الدكتور بطلب الإمبراطور، وأشار هنا عثمان بلية أن د. طه تزوج بحورية ابنة الإمبراطور في(1947)م، ولم يجد أي اعتراض أو رفض لذلك الأمر من أهله، واستقر هناك مدة من الزمن. بعدها احس بضرورة رجوعه الى موطنه ومسقط رأسه، ذهب للإمبراطور يستأذنه في الرجوع إلى السودان، لكن الإمبرطور لم ترق له الفكرة ورفضها تماماً، أكد ذلك عثمان عندما قال: “أصر الإمبراطور على عدم مغادرة د. طه أديس أبابا”. وقال له “انت يا طه خلاص بقيت مننا تقعد هنا معنا وما تمشي”، ولما لم يكن هناك سبيل للوقوف أمام رغبة الإمبراطور في بقائه، مكث د. طه في إثيوبيا فترة تلبية لرغبته، بعدها تصرف بطريقته الخاصة وجاء إلى بورتسودان.

🏆الأناقة في البساطة

♦️ عاش د. طه بين سواكن وسنكات وبورتسودان، كان اجتماعياً من الطراز الأول، وكذلك زوجته ابنة الإمبراطور التي كانت لها نشاط اجتماعي كبير، وكانت الأسرة محبوبة للغاية وكان منزلها مركزاً اجتماعياً كبيراً، وذكر عثمان أن من أصدقاء مؤسس مؤتمر البجا الأول المقربين كباشي عيسى وعبدالعزيز البربري وآل الكابلي وأبوعلي مجذوب والطيار محمد عثمان كرار وحامد علي شاش حاكم الإقليم الشرقي بالإضافة إلى محمد طاهر جيلاني وآخرين. 

♦️ أكدت ابنة عم د. طه من جهتها أنه اشتهر بالبساطة والأناقة في لبسه، فكان يلبس أجمل الثياب وأفخرها، ومضت فاطمة قائلة كان ذا هيبة منحها له الله، وكانت مشيته تهز الأرض ومن فيها، حتى أن الأطفال كانوا يقلدون مشيته من شدة إعجابهم به، وكان عليه الرحمة أول شخص يقود عربة بمدينة بورتسودان.

العمل والسكن 

♦️ عمل د. طه في مستشفى بورتسودان فور عودته، بحسب عثمان وأنشأ عيادة خاصة وصيدلية أيضاً، استاجر شقة في حي الإغريق، ثم اشترى منزلاً فخماً هيأه بكل وسائل الراحة، كان له خدم وحشم يقفون على خدمته وخدمة زوجته التي لحقته بعد أن رتب أوضاعه هناك.

♦️ لم يرزق د. طه بأبناء يحملون اسمه، لكن كانت تفيض روحه حباً للأطفال فحنى على أبناء إخوته حنو الآباء وبذل الغالي والنفيس في سبيل إسعادهم وبعث الفرح والسرور إلى نفوسهم، قالت فاطمة “لم تنجب الحبشية لدكتور طه، لكن لم يؤثر ذلك على حياتهما فوجهوا جل حبهم إلى أبناء البجا عامة وأبناء إخوته وإخوانه خاصة، فقصدهم بالرعاية فتولى شأن اخته (مدينة) وعلم اثنين من أبنائها وكان يرعاها ويوليها اهتماماً كبيراً”.

♦️ وأضافت: لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فكانت زوجته عليها الرحمة امرأة طيبة تحبنا كثيراً، وكنا نحبها أيضاً فكانت ترسل إلينا كل جمعة عربتها الخاصة تقلنا إليها لنقضي معها اليوم بأكمله، وكانت تذبح الذبائح وتعد لنا ما لذ وطاب من الأكل والشرب، وكان د. طه يفرح بقدومنا، وعندما يرانا يقول باسماً باشاً كعادته “يا سلام الليلة اليوم السعيد جو جماعتنا الليلة نسوي الانبساط نسوي السمك والأرز والجبنة”، وتأخذنا عليها الرحمة ونمشي السواقي في رحلة جميلة ناكل ونمرح، وفي آخر اليوم كانت تأخذنا إلى السينما بعد أن تستأذن من زوجها لنشاهد العرض ثم ترجعنا إلى منازلنا فرحين مسرورين، وكنا ننتظر هذا اليوم بفارق الصبر “وكنا نتمنى اليوم اليقولوا لينا تعالوا بيت طه فرحانين نمشي”.

🏆باراً بأهله

♦️ كان د. طه يحب أهله كثيراً وباراً بهم، يقدم لهم كل ما بوسعه، وذكرت فاطمة انه عين شقيقه إبراهيم وأخي أيضاً في هيئة الموانئ وآخرين بعد أن اجتازوا الامتحان المُعد لذلك، ونالا قدر من التدريبات المهمة، ولم ينته الأمر عند هذا الحد، فقد كان له الفضل في توظيف شقيقه أبو الأولاد (علي) بحسابات البنك العثماني بعد أن اجتاز هو الآخر الامتحان المحدد، فضلاً عن أنه كان يساعد المحتاجين ويعمل الخير لكل الناس، ويحسب حساب الكل.

🏆المستشفى

♦️ كان يؤمن بالقومية وكانت هي ما تحركه وتدفعه وتحرك نحوه الناس فصنع تاريخاً ناصع البياض يشرف كل عشيرته، أنشأ المستشفيات في حلايب وسلوم واشد، ولم يكن ذلك هدفه فقط، إذ قالت فاطمة إنه كان يراعي ظروف الناس لاسيما الذين يعانون من ظروف قاسية، وكان يهتم بنظام التغذية والوجبات التي تقدم في المستشفى بالمجان، وفي عنبر الولادة مثلاً كان يقدم لكل امرأة بيضتان وحمامة ورطل لبن. وأردفت: وقد هيأ العنابر ونظفها فوجد مرضى مستشفى بورتسودان عناية فائقة من د. طه بلية ربنا يرحمه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق