4. فَلقنجاي تأكل عيش؛ I Just want to eat؛ أو قدر خشمو.
منعم سليمان عطرون
*مثل جرسون مطعم بفندق فخم يملكه ملياردير جشع؛ يطبخ طعاما لا يسمح له باكلها؛ وقد يباع له بقاياه ؛منبهرا يرى غرفا وثيرة؛ وحياة بازخة لا يحلم بالاستمتاع بها؛ ؛ يعود بأجرا زهيد الى كوخه في حزام المدينة؛ يعتقده الناس هو الملياردير نفسه؛ وهو يقلد مستخدمه؛ بيد أنه في كل الاوقات متهم بالسرقة والتجسس وقد يطرد دون حق وذلك رغم أمانته.
* فَلاقِني الصغار لا يرون بالعين المجردة من الوعي في بطن دولة الأبرتهايد. يتم إستيعابهم بوساطة كترميزا وتفضلا عليهم؛ او للاستفادة من قدراتهم؛ ويتم طردهم بوساطة أيضا لنفس الغرض واستبدالهم بفلاقني مثلهم في كل عهد.
* مكانه الصحيح مجتمعه؛ حقل إنارة اخلاقية يوظف لها تعليمه ووعيا انسانيا وحضاريا هو قادرا على اكتسابه بعد اعادة تثقيف نفسه مستنيرا. هنا في مجتمعه هو طاقة يسهم في جهد تفكيك الابرتهايد و يسهم في ترقية مجتمعه الى الافضل.
التعليم أمانة؛ كما قلنا؛ فإنجازك تعليم في مجتمع واسع التخلف والأمية؛ مهما يكن ظروف تمكنك من الانجاز؛ يعني حملك أمانه ثقيلة أبدية؛ أنت مطالب بالوفاء بإلتزامات غير منظورة في تأديتها؛ هذا في فهم ذو العقل المستنير الذي لم يهمل واجباته في التغيير. لكن التعليم المصمم لاغراض استعمارية؛ يصبح مشكلة عند لدى المتعلم. يتعلم الانسان ليبحث له عن عمل بتعليمه؛ وظيفة تضمن له أكل عيش في وظيفة بالدولة؛ بأي شكل؛ باي وسيلة؛ والخضوع لكل الشروط. لكن حتما وجوده في المكان المناسب وهو يلعب دوره الريادي لصالح حقوق الانسان في مجتمعاته سيكون مثل شمعة تنير عقولا وتحي مجتمعات ترتقي به وتتقدم لكنه يوظف في مكان خطأ ويستهلك كطاقة سالبة لدعم الابرتهايد.
الفلاقنة الصغار؛ غير منظورون بالعين المجردة؛ يحصلون على هوامش وظائف؛ ديكورية؛ في مؤسسات التجهيل (التعليم والتوجيه) بمنصب ( غير التعليم) في بلد يملأه الامية والتجهيل؛ وفي مؤسسات الموت البطيئ ( الصحة والسلامة) في بلد يتكييف مع الامراض والموت بلا سبب؛؛ وفي مؤسسات الافقار المنظم ووتبيطع التخلف (الاقتصادية والمالية ) في بلد يملأه الفقر والانحطاط؛ وفي مؤسسات الابادة والمهانة ( الامن والدفاع الشرطة) في بلد يعيش على حرب شعبه ويحمي النهابة بالسلاح؛ في مؤسسات تقنين الظلومات وحماية الفساد ( القضاء والعدل) في بلد ينتهك حقوق الانسان ومتخلف قانونه وقضائه؛ وفي مؤسسات التبعية والتسول ( الخارجية) في بلد يموت رعاياه ويقتلون في بلدان الاخرين بموافقة السلطات؛ واخيرا خدم المستعمرين الجلابي في المستعمرات الداخلية ( الولايات والبلدية) في بلد يحكم بمركزية تجارية وتنهب؛ تتلف مواردها البشرية والاقتصادية لصالح اقلية مستبدة عاطلة في الخرطوم. وجدا عملا بجهد واجتهاد بذلها في خلق نفسه.
فلقناي تاكل عيشو؛ او فلقناي قدر خشموا؛ يهمل واجباته الريادية تجاه نفسه بضرورة اعادة التعليم لحد الاستنارة وتجاه شعبه بضرورة حملة مسؤولية التنوير. اختصر تعليمه في اكتساب مهنة تدر له دخلا واكتفي بطاقاته في حدود خدمة دولة الابرتهايد وكسب اجره. ويستمر يهمل واجبات اعادة تعليم ذاته برغم توفر العديد من الفرص والامكانيات لذلك؛ ويتملكه شعور اللامبالاة وعدم تحمل المسؤولية لما يحدث من انتهاكات جسيمة بحقوق الانسان في مجتمعه؛ يمارس الانانية تجاه المجتمع ويعتبر نفسه غير مسؤول الا من نفسه واسرته ولاحقا مهتما بلقبه. البعض يبدأ حياته طبيعيا ويرى انه سيقدم شئ لاسرته ويساعد اصدقاءه واقاربه بوساطة او بتامين بعض الاستهلاكات وهذا يعني خدمته للمجتمع. بمرور الزمن يتحول الى الاعتماد اكثر على وظيفته ودخله وواجباته المحدودة.
صغارا موظفي دولة الابرتهايد؛ يتم اختيارهم (تعينهم) بحسب الموازنات والحوجة اليهم وفق مواصفات محددة في اي مؤسسة؛ شواهد الترميز التضليلي؛ قليلون مثل ( عيال مطرة وسط قش خريف) بعضهم أكفاء وبعضهم قُبل مجاملة لأغراض الترميز؛ المحاصصات القبلية الموازنات بيد المستعمر الجواني. وجودهم لا يؤثر في سير مؤسسات الأبرتهايد والإستغناء عنه لا يضير. في كل عهد يتم انتاج فلاقنة تاكل عيش جدد؛ وسيتم الاستغناء عنهم في اي وقت بحسب شروط الموظف مالك الدولة والوظيفة والناس.
فلقناي تأكل عيش؛ بعد التخرج في مرحلة (أفندي فنكيتي)؛ فهو في الاساس افندي ريفي من المجتمعات ضحية الابرتهايد؛ خريج جامعي؛ تعلم بالصدفة وباجتهاده؛ وذكائه الفطري؛ في مشوار بلا خطة حتى التخرج ليصطدم بواقع التوظيف والخدمة والعمل لتحقيق دخل ذو قيمة. لن يجد عملا بمجرد تخرجه؛ العديد من الاحتمالات امامه اما ان ينتهي الى ( افندي فلقناي نفسه؛ افندي فنكيتي؛ أو ان يكون افندي أبلم؛ وغالبيتهم أفندي جاي من دول برة) أو التفكير في الهجرة الى الخارج؛ وفي كل تلك الاحتمالات فان فرصة ان يكون (مثقف مستنير) امر وارد بقوة. للحصول على وظيفة فهو في حوجة الى وسيط يمتلك مؤهلات لدى ملاك الدولة. طبعا افندي وليد جلابي او افندي وليد فلقناي ليسوا مثله هؤلاء يمكن ان يجدوا عملا من غرف نومهم؛ لكون الاول ابن المستعمر الجواني والاخر ولد خادم المستعمر وهو في نفسه (جلابي اقاليم).
قد يجد الافندي تأكل عيش وظيفة في الجامعة التي يتخرج منه بدرجة متقدمة حين ينطبق عليه الشروط؛ وسيترقى الى أفندي فلقناي أبلم؛ ديكوري يوما ما. وإلا انه سيقضى قدر من الوقت يبحث عن وسيلة (فاسدة) توصله الى العمل في الدولة او الاجسام التجارية الرديفة لها؛ ( الوسائل الفاسدة؛ وساطة؛ تذكية؛ بلسة؛ رشوة مادية او معنوية).
من خلال عملية التكوين المدرسي الطويلة؛ ( والمدرسة في السودان تبلد الانسان ما لم يعيد تكوين نفسه) فقد خسر هذا الافندي الريفي مهارات كثيرة منها القدرة على التعامل مع وسائل الانتاج التي نشا عليها في مجتمعه الريفي ( الزراعة؛ الرعي؛ البستنة؛ والتجارة البسيطة) وهو بعد يشعر بشئ من العار ان يعود مزارعا او راعيا ايضا؛ ستحاكمه السنة المجتمعات الريفية أن بعد تخرجه وتعليمه حتى (الجامعة أنثى الجامع) يعود راعي غنم او حامل طورية وهم الذين يتصورون ان المدرسة تخلق مهنة راقية للمتعلم ( ابقلم) وذلك غاية التعليم بفهمهم البسيط.
من الصعب ان يعود الافندي الذي الى هذه اللحظة ( أفندي فنكيتي) لوراثة والديه في مهنته الشريفة جدا؛و التي رباه باموالها ( أرامي؛ سمساري؛ فدادية؛ فدادي؛ لبانية؛ شفاية؛ جذاري؛ رتاقية؛ قلاجي؛ شرقاني؛ حطابي؛ نُقلتي؛ زاتية؛ عصاري؛ حدادي؛ مكّاني؛ أمتجكاكي؛ نجاري؛ مؤراقي؛ أمبتاري؛ كماني؛ فهامي؛ سراجي؛ تاجر امدورور ،اندلامي. شداري. جنقجوراي. دمباري)؛ وبعد رحلة الريف إلى المدينة تخلقت مهن جديدة (خرّاجي؛ ست شاي؛ طباخي؛ غسالة؛ خدامة؛ فراشي؛ غسالي؛ مكوجي؛ سواقي؛ ورناشي؛ كناسي؛ خفير؛ مكنيكي؛ فرّاني؛ بائع جوال؛ طلبجي؛ ألتجي؛ مساعد؛ عتالي أربجي؛ اسكافي؛ ورناشي؛ سفرجي. مرمتون. جرسون. كمسنجي؛ كمساري؛ مندانجي.
مساعد ومساعد حلة. دباشي. بالنجي. زبالي. نقاش؛ سمكري )؛ وأيضا ( أستاذ؛ ست؛ ممرض؛ ممرضة) المهن الشريفة التي تقيم الحياة في المجتمعات المهملة والمنسية من الدولة الاستعمارية. بإهمال واجبه في اعادة التعليم فانه سوف لن يعمل بحث او دراسات توصله الى أن التطور الطبيعي لمجتمعات الزراعية كانت ستنتهي الى بناء المدن عبر تطوير نفس الصناعات بديلا عن المدن أجنبية التكوين.
والدراسات والابحاث توصله الى بقاء فئات محددة ضمنهم ابوه وامه في ممارسة هذه المهن التي لم تتطور واستبدلتها المدينة الاجنبية بشركات ومصانع للاجانب؛ بينما مهن اخري ( رئيس؛ وزير؛ مدير؛ طبيب؛ أستاذ؛ مهندس؛ كابتن؛ ضابط؛ مفتش؛ قاضي؛ رجل أعمال؛ سفير) تبقى في يد فئة أخرى من الناس منفصلة من المجتمع. فالطريق امام الأفندي اما الوظيفة داخل الدولة بشروطها الفاسدة المهينة؛ او الهجرة بعقله وأحلامه والتي تبقى هجرة حلم في كثير من الاحيان.
حين تطرح احدي مؤسسات الابرتهايد وظائف للعامة ( المالية؛ الصحة؛ التعليم؛ الخارجية؛ القضاء) او الاجسام التجارية الرديفة لها؛ لا يعني فعلا انهم في حاجة الى كفاءات وظيفية بل تلك احدى اشكال العمليات الامنية للسيطرة على الناس؛ فامؤسسة الابرتهايد سلفا قد اختار موظفيه المحتاج اليهم ممن يثقون فيهم من داخل حواضنها الاجتماعية او الحواضن الفلقنية لها؛ لكنه مؤسسات يطرحونها تلك لزوم الديكور التضليلي؛ وقد يختارون من بين المتقدمين من يكمل لهم وصف الموازنات الديكورية الداخلية والتقليل من الظروف التي تخلق ثورة وعي.
وهكذا تاتي احدي الفرص ليجد الفلقناي قدر خشمو وظيفة اكل عيش. وتبقى الى هنا الوسائل الفاسدة قائمة؛ طبعا اقسام الامن والدفاع تتم القبول فيها بضوابط استثنائية ضمن الشروط الفاسدة العامة نفسها.
الوظيفة الاقليمية تخضع للمحاصصة والاستخدام للابرتهايد فروع الاقاليم؛ من اجل خلق فلاقني قدر خشوم بقدر ما تحققها الوظيفة (الاستخدام) في الجهاز المركزي للدولة التجارية.
موضع الافندي الموظف هو متساوي مع الموظف وليد فلقناي في داخل المؤسسة التي قبلتهما معا؛ وستعاملهما معا؛ وكذالك يشاركهما موظفين درجة ثانية في مجتمعات الجلابي نفسها. كل منهما سيترقي وفق اجتهاده الفلقني ؛ وايضا كفاءته في العمل. شرط ان يكون المقبول حزبي خاضع للزمن ولطبيعة الحزب الحاكم في ذلك العهد ( اتحادي اشتراكي؛ جبهة اسلامية؛ او حزب طائفي؛ تجمع احزاب الطوائف).
يتحول الافندي الى فلقناي؛ تاكل عي؛ قدر خشمو ( موظف دولة صغير) متشبثا بوظيفته لانه يضمن له أكل عيش. رغم ان الفلاقنة الصغار محدودي الادوار في داخل جدرات تلك المؤسسات؛ اذ ينظم تحركاتهم والمعلومات التي يتحصلون عليها؛ وهم مهما بقوا يظلون غير موثوق بهم؛ اين يجلسون وعن ماذا ومع من يتكلمون ويعملون مرابقون. دائرة علمه غرفته (مكتبه) مساحتها جدرانها. بعضهم مراسلة؛ يوزعون الماء في الاجتماعات؛ كتبة على الكمبيوترات؛ يراسهم من هم اقل منهم في الكفاءة؛ والقدرة والمحصلة الاكاديمية بحكم ان اؤلائك اهل الثقة وابناء الاستعمار الجواني او فلاقنتهم المخلصين.
تظل الفرصة امام الافندي نحو الترقية الى ( مثقف مستنير) واردة لانه حتما سيكتشف الوضع اللاطبيعي في بينة الدولة الاستعمارية من حيث بطريقة او باخرى. لكن الحاجة الى العمل؛ واكل العيش وهو قد تحول الى ممول رئيسي لاسرته واقربائه واهل مجتمعه ( انينا الغرابة ضيوف بلا موعد)؛ مع ذلك القدرة على خلع الزي الجديد الذي حصل عليه بما يحمله من قيمة له وسط مجتمعه المسكين ( بزة الضابط؛ او الكرفتة الجديدة) وترك اللقب الجديد امر صعب.
حين يعود الأفندي قدر خشمو الى منطقته؛ قريته او الحي في المدينة الريفية التي نشأ فيه؛ يعتبر هو أول وأرفع مسؤول دولة زار قريته؛ كما هو أول شخص من قريته او منطقته يكون موظف دولة باللقب الذي يحمله.
وهو لا ينسى في هذه اللحظة ان يمارس دور جلابي محلي في الحِلة يطبق كل صنوف الفهلوة؛ الإستعلاء؛ وإذلال الناس بشكل مباشر او غير مباش. يأتي بسيارته؛ ودلاقينجه (ملابسه) ويتحدث مع الناس من الأعلى؛ وبلغة عربية فصيحة ( قد يكون فقد لغته الاصلية) هو بالفعل كان يرى لغته علامة من علامات التخلف فتركها اصلال في باب مبنى الوظيفة التي وجدها. هناك فلاقنى صغار له يطلقون عليه الألقاب ويرشدون الناس على عدم مناداته بإسمه المجرد؛ ويؤلف الفلاقني الصغار قصصا بحق هذا ( جنابو؛ سعاتو؛ مولانا؛ سعادة السفير؛ الاستاذ؛ الدكتور؛ سعادة الضابط الاداري).
قال له "هل تعرف حاجة عن الاولاد المتمردين ديل"
رد الفلقناي اكل عيش قائلا؛ نعم ديل عيال القبيلة الفلانية وساكنين في الحلة الفلانية وعيال علانيين.
"ادخل الغرفة دي واكتب كل شئ تعرفه عنهم"
قد يترقى الفلقناي تاكل عيش بجهده الى مرتبة فلقناي مُرقابي يحدث ذلك؛ وقد يمارس أشكال من الممارسات التجارية؛ وقد يبقى كما هو يعتبر نفسه موظف دولة لا صلة له بما يحدث وهو غير معني؛ او يتحول الى أفندي أبلم يهرب مبتعدا مجتمعه نهائيا كخائن لدوره التاريخي.
مبرره في الخدمات الامنية الملحقة لخدمته الاساسية انه يخدم (الوطن) الذي هو الكفن او يجملها انه يخدم (مشروع الحركة الاسلامية). ورغم عدم قدرته على تقديم اي تبرير عن فوائد خدمته غير أكل عيش في دولة تدمر مواطنيها وتسحقهم وتهينههم؛ يصر على انه يخدم ( السودان).
" المرحوم غطان" كأي فلقناي؛ هي حجتة تاكل عيش لتفسير التخلف والحرب وآلام المجتمعات. لكنه يتفهم بعضهم المشاكل ويدرسها في سره بعكس الانتهازي المُرقابي؛ والطرطور؛ رغم عدم قدرته على تحميل المسؤولية للدولة بتكوينها المركزي التجاري؛وبعنصرها الافندي الجلابي؛ وقد فهم الأبرتهايد بدقة ولا يمتلك الشجاعة للاعلان والمواجهة. دون إعمال دراسة وابحاث ينصح نصائح شخصية للضرورة العمل؛ الهجرة؛ التعليم؛ التي ستنتهي لتمويل الوضع الابرتهايدي العنصري بشكل مباشر او غير مباشر. والفلقناي اكل عيش بعكس المُرقابي يقدم خدمات مثل الجنود عبيد الدولة ( ريش جراد؛ ضحايا الاكثر خدمة واكثر تدميرا؛ يدمرون مجتمعاتهم الضحية) قد يساعد بعضهم اهله في خدمة استخراج الجنسية؛ يعرف التعمل مع الوسائل الفاسدة (الوساطة؛ الرشوة؛ واللف والدوران) لاستخراج رقم وطني او اي خدمة ( مستحقة) بوسائل للدولة الفاسدة.
أمام المسؤولية التاريخية اخلاقيا ووطنيا؛ فلقناي تاكل عيش يدافع عن نفسه بحجج تبريرية؛ لابعاد دوره في الدولة الفاشلة ونواتجها الأمية؛ الجهل الحروب مهانة الرعايا بالخارج؛ بانه ليس سياسي؛ وهو موظف دولة؛ مدرس في مؤسسة تعليمية (المعلم المسكين؛ ضحية يعلّم ضحايا) ضابط عسكري وشرطي؛ ديبلماسي؛ مدير في ادارة صحية ( وليس الطبيب؛ الطب مهنة إنسانية وظفت للاستعلاء)؛ عامل لمدير فرع بشركة ؛ مصنع او بنك؛ موظف جمارك وضرائب واراضي. (العامل المسكين ضحية يخدمون ضحايا).
ينتهي دور فلقناي تاكل عيش؛ عادة بإحالته للصالح العام حين يفقد الجلابي مستخدمه الحاجة اليه؛ تنهي أكل عيشه؛ وليس هناك فرصة امامه للمقاضاة او المطالبة بحقوق ما بعد الخدمة في حالة الفصل التعسفي من الخدمة؛ فهو في دولة يملكها أوليقارشية صغيرة هم المدراء وهم القادة وهم القضاة ووكلاء النيابة وصناع القانون ذاته والنقابات.
او ينتهي أكل عيش الفلقناي هذا ضحية كشة جماعية خلال حملات انتقال مركزية السلطة داخل بطون الابرتهايد التي تحدث في الانتقال الى عهد جلابي جديد. يتم التضحية به ضمن قائمة المحالين في صحيفة أتباع النظام السابق ( إزالة آثار مايو؛ هيكلة الخدمة المدنية؛ قانون تفكيك النظام).
الفرصة أيضا لا تزال أمام الفلقناي تاكل عيش؛( قدر خشموا) موتية كما في أي مرحلة ان يتحول الى مستنير يقوم بواجباته الاخلاقية في خدمة مجتمعه حتى مرحلة الريادة فجميع أركان التغيير تحتاج الى مثقفين يوظفون تعليمهم لخدمة المجتمع. كثير من الهزات تحي الضمير وتنير العقل. والعقل الذي اكسبه نوع من التعليم سيره خادما يمكنه ان يكسبه تعليما مستنيرا ( اعادة تعليم) يحوله الى سيد في نفسه ويخدم مجتمعه. العقل هو الوحيد الذي لا ينفد وقابل للاستنارة حين يعود الضمير للحياة. ويمكن للفلقاني قدر خشمو ان يضع تجربته كعبد في خدمة دولة الأبرتهايد موضع الاستخدام للاستنارة وتغيير اوضاع المجتمعات التي ترزح في بحر التخلف والانحطاط بسبب وجود الابرتهايد وسياسيتها.
منعم سليمان عطرون
*مثل جرسون مطعم بفندق فخم يملكه ملياردير جشع؛ يطبخ طعاما لا يسمح له باكلها؛ وقد يباع له بقاياه ؛منبهرا يرى غرفا وثيرة؛ وحياة بازخة لا يحلم بالاستمتاع بها؛ ؛ يعود بأجرا زهيد الى كوخه في حزام المدينة؛ يعتقده الناس هو الملياردير نفسه؛ وهو يقلد مستخدمه؛ بيد أنه في كل الاوقات متهم بالسرقة والتجسس وقد يطرد دون حق وذلك رغم أمانته.
* فَلاقِني الصغار لا يرون بالعين المجردة من الوعي في بطن دولة الأبرتهايد. يتم إستيعابهم بوساطة كترميزا وتفضلا عليهم؛ او للاستفادة من قدراتهم؛ ويتم طردهم بوساطة أيضا لنفس الغرض واستبدالهم بفلاقني مثلهم في كل عهد.
* مكانه الصحيح مجتمعه؛ حقل إنارة اخلاقية يوظف لها تعليمه ووعيا انسانيا وحضاريا هو قادرا على اكتسابه بعد اعادة تثقيف نفسه مستنيرا. هنا في مجتمعه هو طاقة يسهم في جهد تفكيك الابرتهايد و يسهم في ترقية مجتمعه الى الافضل.
التعليم أمانة؛ كما قلنا؛ فإنجازك تعليم في مجتمع واسع التخلف والأمية؛ مهما يكن ظروف تمكنك من الانجاز؛ يعني حملك أمانه ثقيلة أبدية؛ أنت مطالب بالوفاء بإلتزامات غير منظورة في تأديتها؛ هذا في فهم ذو العقل المستنير الذي لم يهمل واجباته في التغيير. لكن التعليم المصمم لاغراض استعمارية؛ يصبح مشكلة عند لدى المتعلم. يتعلم الانسان ليبحث له عن عمل بتعليمه؛ وظيفة تضمن له أكل عيش في وظيفة بالدولة؛ بأي شكل؛ باي وسيلة؛ والخضوع لكل الشروط. لكن حتما وجوده في المكان المناسب وهو يلعب دوره الريادي لصالح حقوق الانسان في مجتمعاته سيكون مثل شمعة تنير عقولا وتحي مجتمعات ترتقي به وتتقدم لكنه يوظف في مكان خطأ ويستهلك كطاقة سالبة لدعم الابرتهايد.
الفلاقنة الصغار؛ غير منظورون بالعين المجردة؛ يحصلون على هوامش وظائف؛ ديكورية؛ في مؤسسات التجهيل (التعليم والتوجيه) بمنصب ( غير التعليم) في بلد يملأه الامية والتجهيل؛ وفي مؤسسات الموت البطيئ ( الصحة والسلامة) في بلد يتكييف مع الامراض والموت بلا سبب؛؛ وفي مؤسسات الافقار المنظم ووتبيطع التخلف (الاقتصادية والمالية ) في بلد يملأه الفقر والانحطاط؛ وفي مؤسسات الابادة والمهانة ( الامن والدفاع الشرطة) في بلد يعيش على حرب شعبه ويحمي النهابة بالسلاح؛ في مؤسسات تقنين الظلومات وحماية الفساد ( القضاء والعدل) في بلد ينتهك حقوق الانسان ومتخلف قانونه وقضائه؛ وفي مؤسسات التبعية والتسول ( الخارجية) في بلد يموت رعاياه ويقتلون في بلدان الاخرين بموافقة السلطات؛ واخيرا خدم المستعمرين الجلابي في المستعمرات الداخلية ( الولايات والبلدية) في بلد يحكم بمركزية تجارية وتنهب؛ تتلف مواردها البشرية والاقتصادية لصالح اقلية مستبدة عاطلة في الخرطوم. وجدا عملا بجهد واجتهاد بذلها في خلق نفسه.
فلقناي تاكل عيشو؛ او فلقناي قدر خشموا؛ يهمل واجباته الريادية تجاه نفسه بضرورة اعادة التعليم لحد الاستنارة وتجاه شعبه بضرورة حملة مسؤولية التنوير. اختصر تعليمه في اكتساب مهنة تدر له دخلا واكتفي بطاقاته في حدود خدمة دولة الابرتهايد وكسب اجره. ويستمر يهمل واجبات اعادة تعليم ذاته برغم توفر العديد من الفرص والامكانيات لذلك؛ ويتملكه شعور اللامبالاة وعدم تحمل المسؤولية لما يحدث من انتهاكات جسيمة بحقوق الانسان في مجتمعه؛ يمارس الانانية تجاه المجتمع ويعتبر نفسه غير مسؤول الا من نفسه واسرته ولاحقا مهتما بلقبه. البعض يبدأ حياته طبيعيا ويرى انه سيقدم شئ لاسرته ويساعد اصدقاءه واقاربه بوساطة او بتامين بعض الاستهلاكات وهذا يعني خدمته للمجتمع. بمرور الزمن يتحول الى الاعتماد اكثر على وظيفته ودخله وواجباته المحدودة.
صغارا موظفي دولة الابرتهايد؛ يتم اختيارهم (تعينهم) بحسب الموازنات والحوجة اليهم وفق مواصفات محددة في اي مؤسسة؛ شواهد الترميز التضليلي؛ قليلون مثل ( عيال مطرة وسط قش خريف) بعضهم أكفاء وبعضهم قُبل مجاملة لأغراض الترميز؛ المحاصصات القبلية الموازنات بيد المستعمر الجواني. وجودهم لا يؤثر في سير مؤسسات الأبرتهايد والإستغناء عنه لا يضير. في كل عهد يتم انتاج فلاقنة تاكل عيش جدد؛ وسيتم الاستغناء عنهم في اي وقت بحسب شروط الموظف مالك الدولة والوظيفة والناس.
فلقناي تأكل عيش؛ بعد التخرج في مرحلة (أفندي فنكيتي)؛ فهو في الاساس افندي ريفي من المجتمعات ضحية الابرتهايد؛ خريج جامعي؛ تعلم بالصدفة وباجتهاده؛ وذكائه الفطري؛ في مشوار بلا خطة حتى التخرج ليصطدم بواقع التوظيف والخدمة والعمل لتحقيق دخل ذو قيمة. لن يجد عملا بمجرد تخرجه؛ العديد من الاحتمالات امامه اما ان ينتهي الى ( افندي فلقناي نفسه؛ افندي فنكيتي؛ أو ان يكون افندي أبلم؛ وغالبيتهم أفندي جاي من دول برة) أو التفكير في الهجرة الى الخارج؛ وفي كل تلك الاحتمالات فان فرصة ان يكون (مثقف مستنير) امر وارد بقوة. للحصول على وظيفة فهو في حوجة الى وسيط يمتلك مؤهلات لدى ملاك الدولة. طبعا افندي وليد جلابي او افندي وليد فلقناي ليسوا مثله هؤلاء يمكن ان يجدوا عملا من غرف نومهم؛ لكون الاول ابن المستعمر الجواني والاخر ولد خادم المستعمر وهو في نفسه (جلابي اقاليم).
قد يجد الافندي تأكل عيش وظيفة في الجامعة التي يتخرج منه بدرجة متقدمة حين ينطبق عليه الشروط؛ وسيترقى الى أفندي فلقناي أبلم؛ ديكوري يوما ما. وإلا انه سيقضى قدر من الوقت يبحث عن وسيلة (فاسدة) توصله الى العمل في الدولة او الاجسام التجارية الرديفة لها؛ ( الوسائل الفاسدة؛ وساطة؛ تذكية؛ بلسة؛ رشوة مادية او معنوية).
من خلال عملية التكوين المدرسي الطويلة؛ ( والمدرسة في السودان تبلد الانسان ما لم يعيد تكوين نفسه) فقد خسر هذا الافندي الريفي مهارات كثيرة منها القدرة على التعامل مع وسائل الانتاج التي نشا عليها في مجتمعه الريفي ( الزراعة؛ الرعي؛ البستنة؛ والتجارة البسيطة) وهو بعد يشعر بشئ من العار ان يعود مزارعا او راعيا ايضا؛ ستحاكمه السنة المجتمعات الريفية أن بعد تخرجه وتعليمه حتى (الجامعة أنثى الجامع) يعود راعي غنم او حامل طورية وهم الذين يتصورون ان المدرسة تخلق مهنة راقية للمتعلم ( ابقلم) وذلك غاية التعليم بفهمهم البسيط.
من الصعب ان يعود الافندي الذي الى هذه اللحظة ( أفندي فنكيتي) لوراثة والديه في مهنته الشريفة جدا؛و التي رباه باموالها ( أرامي؛ سمساري؛ فدادية؛ فدادي؛ لبانية؛ شفاية؛ جذاري؛ رتاقية؛ قلاجي؛ شرقاني؛ حطابي؛ نُقلتي؛ زاتية؛ عصاري؛ حدادي؛ مكّاني؛ أمتجكاكي؛ نجاري؛ مؤراقي؛ أمبتاري؛ كماني؛ فهامي؛ سراجي؛ تاجر امدورور ،اندلامي. شداري. جنقجوراي. دمباري)؛ وبعد رحلة الريف إلى المدينة تخلقت مهن جديدة (خرّاجي؛ ست شاي؛ طباخي؛ غسالة؛ خدامة؛ فراشي؛ غسالي؛ مكوجي؛ سواقي؛ ورناشي؛ كناسي؛ خفير؛ مكنيكي؛ فرّاني؛ بائع جوال؛ طلبجي؛ ألتجي؛ مساعد؛ عتالي أربجي؛ اسكافي؛ ورناشي؛ سفرجي. مرمتون. جرسون. كمسنجي؛ كمساري؛ مندانجي.
مساعد ومساعد حلة. دباشي. بالنجي. زبالي. نقاش؛ سمكري )؛ وأيضا ( أستاذ؛ ست؛ ممرض؛ ممرضة) المهن الشريفة التي تقيم الحياة في المجتمعات المهملة والمنسية من الدولة الاستعمارية. بإهمال واجبه في اعادة التعليم فانه سوف لن يعمل بحث او دراسات توصله الى أن التطور الطبيعي لمجتمعات الزراعية كانت ستنتهي الى بناء المدن عبر تطوير نفس الصناعات بديلا عن المدن أجنبية التكوين.
والدراسات والابحاث توصله الى بقاء فئات محددة ضمنهم ابوه وامه في ممارسة هذه المهن التي لم تتطور واستبدلتها المدينة الاجنبية بشركات ومصانع للاجانب؛ بينما مهن اخري ( رئيس؛ وزير؛ مدير؛ طبيب؛ أستاذ؛ مهندس؛ كابتن؛ ضابط؛ مفتش؛ قاضي؛ رجل أعمال؛ سفير) تبقى في يد فئة أخرى من الناس منفصلة من المجتمع. فالطريق امام الأفندي اما الوظيفة داخل الدولة بشروطها الفاسدة المهينة؛ او الهجرة بعقله وأحلامه والتي تبقى هجرة حلم في كثير من الاحيان.
حين تطرح احدي مؤسسات الابرتهايد وظائف للعامة ( المالية؛ الصحة؛ التعليم؛ الخارجية؛ القضاء) او الاجسام التجارية الرديفة لها؛ لا يعني فعلا انهم في حاجة الى كفاءات وظيفية بل تلك احدى اشكال العمليات الامنية للسيطرة على الناس؛ فامؤسسة الابرتهايد سلفا قد اختار موظفيه المحتاج اليهم ممن يثقون فيهم من داخل حواضنها الاجتماعية او الحواضن الفلقنية لها؛ لكنه مؤسسات يطرحونها تلك لزوم الديكور التضليلي؛ وقد يختارون من بين المتقدمين من يكمل لهم وصف الموازنات الديكورية الداخلية والتقليل من الظروف التي تخلق ثورة وعي.
وهكذا تاتي احدي الفرص ليجد الفلقناي قدر خشمو وظيفة اكل عيش. وتبقى الى هنا الوسائل الفاسدة قائمة؛ طبعا اقسام الامن والدفاع تتم القبول فيها بضوابط استثنائية ضمن الشروط الفاسدة العامة نفسها.
الوظيفة الاقليمية تخضع للمحاصصة والاستخدام للابرتهايد فروع الاقاليم؛ من اجل خلق فلاقني قدر خشوم بقدر ما تحققها الوظيفة (الاستخدام) في الجهاز المركزي للدولة التجارية.
موضع الافندي الموظف هو متساوي مع الموظف وليد فلقناي في داخل المؤسسة التي قبلتهما معا؛ وستعاملهما معا؛ وكذالك يشاركهما موظفين درجة ثانية في مجتمعات الجلابي نفسها. كل منهما سيترقي وفق اجتهاده الفلقني ؛ وايضا كفاءته في العمل. شرط ان يكون المقبول حزبي خاضع للزمن ولطبيعة الحزب الحاكم في ذلك العهد ( اتحادي اشتراكي؛ جبهة اسلامية؛ او حزب طائفي؛ تجمع احزاب الطوائف).
يتحول الافندي الى فلقناي؛ تاكل عي؛ قدر خشمو ( موظف دولة صغير) متشبثا بوظيفته لانه يضمن له أكل عيش. رغم ان الفلاقنة الصغار محدودي الادوار في داخل جدرات تلك المؤسسات؛ اذ ينظم تحركاتهم والمعلومات التي يتحصلون عليها؛ وهم مهما بقوا يظلون غير موثوق بهم؛ اين يجلسون وعن ماذا ومع من يتكلمون ويعملون مرابقون. دائرة علمه غرفته (مكتبه) مساحتها جدرانها. بعضهم مراسلة؛ يوزعون الماء في الاجتماعات؛ كتبة على الكمبيوترات؛ يراسهم من هم اقل منهم في الكفاءة؛ والقدرة والمحصلة الاكاديمية بحكم ان اؤلائك اهل الثقة وابناء الاستعمار الجواني او فلاقنتهم المخلصين.
تظل الفرصة امام الافندي نحو الترقية الى ( مثقف مستنير) واردة لانه حتما سيكتشف الوضع اللاطبيعي في بينة الدولة الاستعمارية من حيث بطريقة او باخرى. لكن الحاجة الى العمل؛ واكل العيش وهو قد تحول الى ممول رئيسي لاسرته واقربائه واهل مجتمعه ( انينا الغرابة ضيوف بلا موعد)؛ مع ذلك القدرة على خلع الزي الجديد الذي حصل عليه بما يحمله من قيمة له وسط مجتمعه المسكين ( بزة الضابط؛ او الكرفتة الجديدة) وترك اللقب الجديد امر صعب.
حين يعود الأفندي قدر خشمو الى منطقته؛ قريته او الحي في المدينة الريفية التي نشأ فيه؛ يعتبر هو أول وأرفع مسؤول دولة زار قريته؛ كما هو أول شخص من قريته او منطقته يكون موظف دولة باللقب الذي يحمله.
وهو لا ينسى في هذه اللحظة ان يمارس دور جلابي محلي في الحِلة يطبق كل صنوف الفهلوة؛ الإستعلاء؛ وإذلال الناس بشكل مباشر او غير مباش. يأتي بسيارته؛ ودلاقينجه (ملابسه) ويتحدث مع الناس من الأعلى؛ وبلغة عربية فصيحة ( قد يكون فقد لغته الاصلية) هو بالفعل كان يرى لغته علامة من علامات التخلف فتركها اصلال في باب مبنى الوظيفة التي وجدها. هناك فلاقنى صغار له يطلقون عليه الألقاب ويرشدون الناس على عدم مناداته بإسمه المجرد؛ ويؤلف الفلاقني الصغار قصصا بحق هذا ( جنابو؛ سعاتو؛ مولانا؛ سعادة السفير؛ الاستاذ؛ الدكتور؛ سعادة الضابط الاداري).
قال له "هل تعرف حاجة عن الاولاد المتمردين ديل"
رد الفلقناي اكل عيش قائلا؛ نعم ديل عيال القبيلة الفلانية وساكنين في الحلة الفلانية وعيال علانيين.
"ادخل الغرفة دي واكتب كل شئ تعرفه عنهم"
قد يترقى الفلقناي تاكل عيش بجهده الى مرتبة فلقناي مُرقابي يحدث ذلك؛ وقد يمارس أشكال من الممارسات التجارية؛ وقد يبقى كما هو يعتبر نفسه موظف دولة لا صلة له بما يحدث وهو غير معني؛ او يتحول الى أفندي أبلم يهرب مبتعدا مجتمعه نهائيا كخائن لدوره التاريخي.
مبرره في الخدمات الامنية الملحقة لخدمته الاساسية انه يخدم (الوطن) الذي هو الكفن او يجملها انه يخدم (مشروع الحركة الاسلامية). ورغم عدم قدرته على تقديم اي تبرير عن فوائد خدمته غير أكل عيش في دولة تدمر مواطنيها وتسحقهم وتهينههم؛ يصر على انه يخدم ( السودان).
" المرحوم غطان" كأي فلقناي؛ هي حجتة تاكل عيش لتفسير التخلف والحرب وآلام المجتمعات. لكنه يتفهم بعضهم المشاكل ويدرسها في سره بعكس الانتهازي المُرقابي؛ والطرطور؛ رغم عدم قدرته على تحميل المسؤولية للدولة بتكوينها المركزي التجاري؛وبعنصرها الافندي الجلابي؛ وقد فهم الأبرتهايد بدقة ولا يمتلك الشجاعة للاعلان والمواجهة. دون إعمال دراسة وابحاث ينصح نصائح شخصية للضرورة العمل؛ الهجرة؛ التعليم؛ التي ستنتهي لتمويل الوضع الابرتهايدي العنصري بشكل مباشر او غير مباشر. والفلقناي اكل عيش بعكس المُرقابي يقدم خدمات مثل الجنود عبيد الدولة ( ريش جراد؛ ضحايا الاكثر خدمة واكثر تدميرا؛ يدمرون مجتمعاتهم الضحية) قد يساعد بعضهم اهله في خدمة استخراج الجنسية؛ يعرف التعمل مع الوسائل الفاسدة (الوساطة؛ الرشوة؛ واللف والدوران) لاستخراج رقم وطني او اي خدمة ( مستحقة) بوسائل للدولة الفاسدة.
أمام المسؤولية التاريخية اخلاقيا ووطنيا؛ فلقناي تاكل عيش يدافع عن نفسه بحجج تبريرية؛ لابعاد دوره في الدولة الفاشلة ونواتجها الأمية؛ الجهل الحروب مهانة الرعايا بالخارج؛ بانه ليس سياسي؛ وهو موظف دولة؛ مدرس في مؤسسة تعليمية (المعلم المسكين؛ ضحية يعلّم ضحايا) ضابط عسكري وشرطي؛ ديبلماسي؛ مدير في ادارة صحية ( وليس الطبيب؛ الطب مهنة إنسانية وظفت للاستعلاء)؛ عامل لمدير فرع بشركة ؛ مصنع او بنك؛ موظف جمارك وضرائب واراضي. (العامل المسكين ضحية يخدمون ضحايا).
ينتهي دور فلقناي تاكل عيش؛ عادة بإحالته للصالح العام حين يفقد الجلابي مستخدمه الحاجة اليه؛ تنهي أكل عيشه؛ وليس هناك فرصة امامه للمقاضاة او المطالبة بحقوق ما بعد الخدمة في حالة الفصل التعسفي من الخدمة؛ فهو في دولة يملكها أوليقارشية صغيرة هم المدراء وهم القادة وهم القضاة ووكلاء النيابة وصناع القانون ذاته والنقابات.
او ينتهي أكل عيش الفلقناي هذا ضحية كشة جماعية خلال حملات انتقال مركزية السلطة داخل بطون الابرتهايد التي تحدث في الانتقال الى عهد جلابي جديد. يتم التضحية به ضمن قائمة المحالين في صحيفة أتباع النظام السابق ( إزالة آثار مايو؛ هيكلة الخدمة المدنية؛ قانون تفكيك النظام).
الفرصة أيضا لا تزال أمام الفلقناي تاكل عيش؛( قدر خشموا) موتية كما في أي مرحلة ان يتحول الى مستنير يقوم بواجباته الاخلاقية في خدمة مجتمعه حتى مرحلة الريادة فجميع أركان التغيير تحتاج الى مثقفين يوظفون تعليمهم لخدمة المجتمع. كثير من الهزات تحي الضمير وتنير العقل. والعقل الذي اكسبه نوع من التعليم سيره خادما يمكنه ان يكسبه تعليما مستنيرا ( اعادة تعليم) يحوله الى سيد في نفسه ويخدم مجتمعه. العقل هو الوحيد الذي لا ينفد وقابل للاستنارة حين يعود الضمير للحياة. ويمكن للفلقاني قدر خشمو ان يضع تجربته كعبد في خدمة دولة الأبرتهايد موضع الاستخدام للاستنارة وتغيير اوضاع المجتمعات التي ترزح في بحر التخلف والانحطاط بسبب وجود الابرتهايد وسياسيتها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق